[ ص: 137 ] باب في  تدبير الصبي الذي يعقل ولم يبلغ   
مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : ( من أجاز وصيته أجاز تدبيره ) .  
قال  الماوردي      :  المحجور عليهم في حقوق أنفسهم ثلاثة      : الصبي ، والمجنون ، والسفيه . فأما  المجنون فلا يصح منه تصرف في قول ولا فعل   لعدم تمييزه فلا ينفذ عتقه ، ولا يصح تدبيره ، ولا وصيته . وأما السفيه فتصرفه قبل الحجر عليه ماض ، كالرشيد في أفعاله ؟ أقواله ، وسائر عقوده ، فيصح عتقه وتدبيره ووصيته فأما بعد وقوع الحجر عليه فلا يصح عتقه ، ولا كتابته ويصح تدبيره ووصيته ؛ لأن الحجر عليه لمصلحة ماله فلم يصح منه ما استهلكه في حياته ، ويصح منه ما عاد بمصلحة آخرته من تدبيره ووصيته ، وهو أشبه برشاده .  
وأما الصبي فإن كان غير مميز ، لم يصح منه عتق ، ولا كتابة ولا تدبير ، ولا وصية وإن كان مميزا مراهقا ، لم يصح عتقه ولا كتابته لأمرين :  
أحدهما : لحفظ ماله عليه .  
والثاني : لأن القلم غير جار عليه .  
فأما تدبيره ووصيته ففي صحتهما منه قولان :  
أحدهما : لا يصح منه .  
وبه قال  أبو حنيفة   ومالك   وهو اختيار  المزني   تعليلا بارتفاع القلم عنه ، ولأنها عقد فأشبه سائر عقوده ، ولأنه مفض إلى العتق فأشبه مباشرة عتقه .  
والقول الثاني : يصح تدبيره ووصيته تعليلا بإفضائهما إلى مصلحته ، ولرواية  عمرو بن سليم   عن أمه أنها  أتت  عمر بن الخطاب   رضي الله عنه فسألته عن غلام يافع ، واليافع المراهق الذي لم يبلغ ، وروي أنه كان له عشر سنين وصى لابن عمه فأجاز  عمر   وصيته ،  وليس يعرف له في الصحابة مخالف فكان إجماعا ، ولأن من صح تمييزه لم يمنع الحجر عليه من تدبيره ووصيته كالسفيه ؛ ولأن تدبيره أحفظ لماله في حياته ،      [ ص: 138 ] وأبلغ في صلاحه بعد موته . فأما ارتفاع القلم عنه فهو مرفوع حتما عليه ، لسقوط التكليف عنه وهو غير مرفوع فيما له ؛ لأنه تصح صلاته وصيامه فهو مثاب فيما له ، وغير معاقب فيما عليه ، وإمضاء تدبيره ووصيته من حقوقه التي يثاب عليها ، فصح وإن لم يصح منه تعجيل العتق لما ذكرنا من الفرق .  
فأما السكران فإن كان سكره من غير معصية لإكراهه على الشرب أو لشربه ما ظن أنه غير مسكر فكان مسكرا فلا يصح تدبيره ولا وصيته ؛ لأنه بالسكر غير مميز كالمغمى عليه ، وإن كان سكره عن معصية لإقدامه مختارا على شرب المسكر مع علمه أنه مسكر فأحكامه كأحكام الصاحي في نفوذ عتقه ، وصحة تدبيره ، ووقوع طلاقه ، وإن صح تخريج (  المزني      ) عن  الشافعي   في القديم أن طلاقه لا يقع ولم يصح تدبيره ولم تنعقد وصيته وإن صح قول من فرق من أصحابنا بين ما له وعليه وقع طلاقه ، ولم يصح عتقه ولا تدبيره .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					