مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " ويتخذ إناءين : إناء يغرف به من الماء المجموع فيصب في الإناء الذي يلي الميت ، فما تطاير من غسل الميت إلى الإناء الذي يليه لم يصب الآخر " .  
قال  الماوردي      : وهذا صحيح يختار اتخاذ إناءين : كبير بالبعد وصغير بالقرب ، وإناء يغترف به من الكبير ويصبه في الصغير ؛ حتى لا يفسد الماء بما يتطاير من غسله ، ووجه فساده : إما بكثرة ما يتطاير مما ينفصل من غسله حتى يصير مستعملا ، وإما لنجاسة تخرج منه تنجس ما انفصل عنه . وقال  أبو القاسم الأنماطي   وأبو العباس بن سريج      : بل ذلك لنجاسة الميت . فذهبا إلى تنجيسه استدلالا بذلك من مذهبه ، ولأن ما انفصل من أعضائه في حال الحياة نجس لفقد الحياة ؛ فكذلك جملته بعد الوفاة .  
وذهب  أبو إسحاق المروزي   وسائر أصحابنا : إلى  طهارة الميت كطهارة الحي   ، وهو ظاهر نص  الشافعي   في كتاب الأم استدلالا بقوله تعالى :  ولقد كرمنا بني آدم   ، [ الإسراء : 70 ] ، فلما طهروا أحياء لأجل الكرامة ، وجب أن يخصوا بها أمواتا لأجل الكرامة ، قال صلى الله عليه وسلم :    " لا تنجسوا موتاكم " .  وقال صلى الله عليه وسلم :    " المؤمن لا ينجس "  وقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم  عثمان بن مظعون   بعد موته ودموعه تجري على خده     . فلو كان نجسا لما قبله مع رطوبته ، ولأنه لو كان نجسا لما تعبدنا بغسله ؛ لأن غسل ما هو نجس العين يزيد تنجيسا ولا يفيده الغسل تطهيرا ، فأما  ما انفصل من أعضائه في حال الحياة   فقد كان  الصيرفي   يحكم بطهارته أيضا ،      [ ص: 9 ] والصحيح أنه نجس ، ولا يصح اعتبار الميت به ؛ لضعفه عن حرمة الميت ، ألا ترى أنه لا يصلى عليه إذا انفصل من الحي ، ولو وجد للميت طرف منفصل صلي عليه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					