[ ص: 278 ] كتاب إحياء الموات 
إحياء الموات مستحب ، وفيه ثلاثة أبواب . 
[ الباب ] الأول : في رقاب الأرضين ، وهي قسمان . أحدهما : أرض الإسلام ، ولها ثلاثة أحوال . أحدها : أن لا تكون معمورة في الحال  ، ولا من قبل ، فيجوز تملكها بالإحياء ، سواء أذن فيه الإمام ، أم لا ، ويكفي فيه إذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث المشهورة ، ويختص ذلك بالمسلمين . فلو أحياها الذمي بغير إذن الإمام  ، لم يملك قطعا ، ولو أحيا بإذنه ، لم يملك أيضا على الأصح ، وقال الأستاذ  أبو طاهر     : يملك . فإذا قلنا بالصحيح ، فكان له فيها عين مال ، نقلها . فإن بقي بعد النقل أثر عمارة ، قال   ابن كج     : إن أحياه رجل بإذن الإمام  ، ملكه ، وإن لم يأذن ، فوجهان . 
قلت : لعل أصحهما : الملك ، إذ لا أثر لفعل الذمي . والله أعلم . 
ولو ترك العمارة متبرعا ، تولى الإمام أخذ غلتها وصرفها في مصالح المسلمين ، ولم يجز لأحد تملكها . 
فرع 
للذمي الاصطياد والاحتطاب والاحتشاش في دار الإسلام  ، لأن ذلك يخلف ،   [ ص: 279 ] ولا يتضرر به المسلمون ، بخلاف الأرض ، وكذا للذمي نقل التراب من موات دار الإسلام  إذا لم يتضرر به المسلمون . 
فرع 
المستأمن كالذمي في الإحياء وفي الاحتطاب ونحوه ، والحربي ممنوع من جميع ذلك . الحال الثاني : أن تكون معمورة في الحال ، فهي لملاكها ، ولا مدخل فيها للإحياء . الحال الثالث : أن لا تكون معمورة في الحال وكانت معمورة قبل  ، فإن عرف مالكها ، فهي له أو لوارثه ، ولا تملك بالعمارة . 
وإن لم يعرف ، نظر ، إن كانت عمارة إسلامية  ، فهي لمسلم أو لذمي ، وحكمها حكم الأموال الضائعة . قال الإمام : والأمر فيه إلى رأي الإمام . فإن رأى حفظه إلى أن يظهر مالكه ، فعل ، وإن رأى بيعه وحفظ ثمنه ، فعل ، وله أن يستقرضه على بيت المال . هذا هو المذهب ، وفيه خلاف سيأتي إن شاء الله تعالى قريبا . 
وإن كانت عمارة جاهلية  ، فقولان . ويقال : وجهان . أحدهما : لا تملك بالإحياء ، لأنها ليست بموات . وأظهرهما : تملك كالركاز . وقال  ابن سريج  وغيره : إن بقي أثر العمارة أو كان معمورا في جاهلية قريبة ، لم تملك بالإحياء ، وإن اندرست بالكلية وتقادم عهدها  ، ملكت . ثم إن  البغوي  وآخرين عمموا هذا [ الخلاف ] ، وفرعوا على المنع أنها إن أخذت بقتال فهي للغانمين ، وإلا ، فهي أرض للفيئ ، قال الإمام : موضع الخلاف إذا لم يعلم كيفية استيلاء المسلمين عليه ودخوله تحت يدهم ، فأما إن علم ، فإن حصلت بقتال ، فللغانمين ، وإلا ، ففيء ، وحصة الغانمين تلتحق بملك المسلم الذي لا يعرف . وطرد جماعة الخلاف ، فيما إذا   [ ص: 280 ] كانت العمارة إسلامية ولم يعرف مالكها ، وقالوا : هي كلقطة لا يعرف مالكها . والجمهور فرقوا بين الجاهلية والإسلامية كما سبق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					