الحكم الثالث : التملك ، فيجوز تملك اللقطة بعد التعريف  ، سواء كان الملتقط غنيا ، أو فقيرا ، ومتى تملك ؟ فيه أوجه . أصحها : لا تملك إلا بلفظ ، كقوله : تملكت ونحوه . والثاني : لا تملك ما لم يتصرف . وعلى هذا ، يشبه أن يجيء الخلاف المذكور في القرض ، في أن الملك بأي نوع من التصرف يحصل . والثالث : يكفيه تجديد قصد التملك بعد التعريف ، ولا يشترط لفظ . والرابع : تملك بمجرد مضي السنة . 
فرع 
في لقطة مكة  وحرمها  وجهان . الصحيح : أنه لا يجوز أخذها للتملك ، وإنما تؤخذ للحفظ أبدا . والثاني : أنها كلقطة سائر البقاع . قال هذا القائل : والمراد   [ ص: 413 ] بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا تحل لقطتها إلا لمنشد   " أنه لا بد من تعريفها سنة كغيرها ، لئلا يتوهم أن تعريفها في الموسم كاف لكثرة الناس ، وبعد العود في طلبها من الآفاق . 
قلت : قال أصحابنا : ويلزم الملتقط بها الإقامة للتعريف ، أو دفعها إلى الحاكم ، فلا يجيء هنا الخلاف السابق فيمن التقط للحفظ ، هل يلزمه التعريف ؟ بل يجزم هنا بوجوبه ، للحديث . والله أعلم . 
الحكم الرابع : رد عينها ، أو بدلها عند ظهور مالكها    . فإذا جاء من يدعيها ، فإن لم يقم بينة أنها له ، ولم يصفها ، لم تدفع إليه ، إلا أن يعلم الملتقط أنها له ، فيلزم الدفع إليه . وإن أقام بينة ، دفعت إليه . وإن وصفها ، نظر ، إن لم يظن الملتقط صدقه ، لم يدفع إليه على المذهب المعروف ، وحكى الإمام ترددا في جواز الدفع ، وإن ظن صدقه ، جاز الدفع إليه ، ولا يجب على المذهب ، وبه قطع الجمهور . ونقل الإمام في وجوبه وجهين . فعلى المذهب ، لو قال الواصف : يلزمك تسليمها إلي  ، فله أن يحلف أنه لا يلزمه . ولو قال : تعلم أنها ملكي ، فله أن يحلف أنه لا يعلم . ولو أقام الواصف شاهدا  ، فالمذهب أنه لا يجب الدفع ، واختار   الغزالي  وجوبه . وإذا دفعها إلى الواصف بوصفه ، فأقام غيره بينة أنها له  ، فإن كانت باقية ، انتزعت منه ودفعت إلى الثاني . وإن تلفت عنده ، فهو بالخيار بين أن يضمن الملتقط ، أو الواصف . فإن ضمن الواصف ، لم يرجع على الملتقط . وإن ضمن الملتقط ، رجع على الواصف إن لم يقر بالملك للواصف . وإن أقر ، لم يرجع ، مؤاخذة له . هذا إذا دفع بنفسه . أما إذا ألزمه الحاكم الدفع إلى الواصف ، فليس لصاحب البينة تضمينه . 
 [ ص: 414 ] فرع 
لو جاء الواصف بعد أن تملك الملتقط اللقطة ، وأتلفها  ، فغرمها الملتقط لظنه صدقه ، فأقام آخر بينة بها ، طالب الملتقط دون الواصف ، لأن الحاصل عند الواصف مال الملتقط ، لا ماله . وإذا غرم الملتقط ، هل يرجع على الواصف ؟ ينظر ، هل أقر له بالملك أم لا كما سبق 
فرع 
أقام مدعي اللقطة شاهدين عدلين عنده وعند الملتقط ، وهما فاسقان عند القاضي ، لم يلزمه القاضي الدفع على الصحيح . وقيل : يلزمه ، لاعترافه بعدالتهما . 
فرع 
[ إذا ] ادعاها اثنان ، وأقام كل واحد بينة أنها له  ، ففيه أقوال التعارض . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					