فصل 
يجوز نثر الجوز واللوز والتمر والسكر ونحوها في الإملاكات    . وهل يكره أم يستحب ، أم لا يستحب ولا يكره ، بل تركه أولى ؟ فيه أوجه . 
أصحها الثالث . والتقاط النثار جائز ، لكن الأولى تركه ، إلا إذا عرف أن الناثر لا يؤثر بعضهم على بعض ، ولم يقدح الالتقاط في مروءته ، ثم من التقط لم يؤخذ منه . 
وهل يملكه ؟ وجهان . أحدهما : لا ؛ لأنه لم يوجد لفظ تمليك لمعين والثاني : يملك اعتبارا بالعادة ، والأئمة إلى هذا الوجه أميل ، وهو مقتضى إطلاق أكثرهم . 
فعلى الأول ، للناثر الاسترجاع . قال   ابن كج     : له الاسترجاع ما لم يخرج الملتقط من الدار ، وعليه الغرم إن أتلفه . وإن قلنا : يملك فهل يخرج عن ملك الناثر بالنثر ، أم بأخذ الملتقط ، أم بإتلافه ؟ فيه أوجه . 
قلت : الأصح أنه يملك بالأخذ كسائر المباحات . والله أعلم . 
 [ ص: 343 ] ومن وقع في حجره شيء من النثار  ، فإن بسطه لذلك ، لم يؤخذ منه . فإن سقط منه بنفس الوقوع ، لم يبطل حقه على الأصح ، فيمنع غيره من أخذه . 
وإن لم يبسطه له ، لم يملكه ، لعدم القصد والفعل . فإن نفضه ، فهو كما لو وقع على الأرض أولا ، وإلا فهو أولى به من غيره ، وليس لغيره أن يأخذه . 
فلو أخذه غيره ، ففي ملكه وجهان جاريان ، فيما لو عشش طائر في ملكه فأخذ فرخه غيره . وفيما إذا دخل السمك مع الماء حوضه ، وفيما إذا وقع الثلج في ملكه فأخذه غيره ، وفيما إذا أحيا ما يحجره غيره . 
لكن الأصح أن المحيي يملك . وفي هذه الصور ميلهم إلى المنع أكثر ؛ لأن المتحجر غير مالك فليس الإحياء تصرفا في ملك غيره ، بخلاف هذه الصورة ولو سقط من حجره قبل أن يقصد أخذه ، أو قام فسقط ، بطل اختصاصه ، كما لو طار الفرخ ، فإنه يجوز لغير صاحب الأرض أخذه بلا خلاف . 
ثم اختصاص من وقع في حجره مخصوص بمن هو ممن يأخذه . أما من يعلم أنه لا يأخذه ولا يرغب فيه ، فلا اختصاص له به ، ويجوز لغيره أخذه من حجره ، ذكره  البغوي  وغيره . ويكره أخذ النثار من الهواء بالملاءة والأزر المربوطة برءوس الخشب . 
فإن أخذ كذلك استحقه ؛ ونثر الدراهم والدنانير ، كنثر السكر ذكره  المسعودي     . 
قلت : ولو التقط النثار صبي ملكه ، ولو التقطه عبد ملكه سيده ، ذكره  إبراهيم المروزي  ، والختان في هذا كإملاك . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					