الضرب الأول : فيه مسائل . 
إحداها : قال : أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا  ، فالاستثناء باطل لاستغراقه . 
الثانية : إذا عطف بعض العدد على بعض في المستثنى أو المستثنى منه أو فيهما ، فهل يجمع بينهما ، أم لا ؟ وجهان ، أصحهما : لا يجمع ، وبه قال  ابن الحداد  ، ولهذا لو قال لغير المدخول بها : أنت طالق وطالق  ، لا يقع إلا واحدة ، ولا ينزل منزلة : أنت طالق طلقتين ، فإذا قال : أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين وواحدة ، أو إلا اثنتين وإلا واحدة  ، فعلى الجمع يكون الاستثناء مستغرقا فيقع الثلاث ، وعلى الفصل ، يختص البطلان بالواحدة التي وقع بها الاستغراق ، فتقع طلقة . 
ولو قال : إلا واحدة واثنتين ، فعلى الجمع يقع ثلاث ، وعلى الفصل يختص البطلان بالثنتين ، فيقع طلقتان . 
ولو قال : أنت طالق طلقتين وواحدة إلا واحدة  ، فعلى الجمع تكون الواحدة   [ ص: 93 ] مستثناة ، فيقع طلقتان ، وعلى الفصل ، لا يجمع فتكون الواحدة مستثناة من واحدة ، فيقع الثلاث . وقيل : تقع الثلاث هنا قطعا . 
ولو قال : أنت طالق واحدة واثنتين إلا واحدة  ، صح الاستثناء على الوجهين . ولو قال : ثلاثا إلا واحدة وواحدة وواحدة ، فعلى الجمع ، يقع الثلاث ، وعلى الفصل ، يقع استثناء اثنتين دون الثالثة . ولو قال : أنت طالق واحدة وواحدة ، وواحدة إلا واحدة  ، أو أنت طالق طلقة ، وطلقة ، وطلقة إلا طلقة ، فعلى الجمع يقع طلقتان . كأنه قال : ثلاثا إلا واحدة ، وعلى الفصل ، يقع ثلاث ، لأنه استثنى واحدة من واحدة ، ولو قال : واحدة ، وواحدة ، وواحدة ، إلا واحدة وواحدة وواحدة وقع الثلاث على الوجهين . 
ولو قال : واحدة ، بل واحدة ، ثم واحدة إلا واحدة ، فالاستثناء باطل ، ولا جمع لتغاير الألفاظ . وقيل : يصح ؛ حكاه  الحناطي  ، والصحيح المنع . ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة وواحدة  ، قال الشيخ  أبو علي     : اتفق الأصحاب أنه يجمع بينهما ، ويصحان ولا يقع إلا ما بقي بعد الاستثناءين وهو طلقة ، وحكى   ابن كج  فيه وجهين ، ثانيهما : يقع ثلاث ، ويجعل قوله : وواحدة عطفا على قوله : ثلاثا كأنه قال : اثنتين وواحدة . 
قلت : هذا الوجه خطأ ظاهر ، وتعليله أفسد منه . والله أعلم . 
المسألة الثالثة : سبق في الإقرار أن الاستثناء من النفي إثبات ، ومن الإثبات نفي ، فإذا قال : أنت طالق ثلاثا ، إلا اثنتين إلا واحدة ، وقع طلقتان ، وعن  الحناطي  احتمال ؛ أنه كقوله : إلا ثنتين وواحدة ، والصواب الأول . 
ولو قال : ثلاثا إلا ثلاثا إلا واحدة ، فهل يقع واحدة ، أم اثنتان ، أم ثلاث  ؟ فيه أوجه ، أصحها : الأول ، ولو قال : ثلاثا إلا ثلاثا إلا اثنتين ، ففيه الأوجه ، لكن   [ ص: 94 ] الأصح هنا : يقع طلقتان . ولو قال : ثلاثا إلا اثنتين ، إلا اثنتين وقعت واحدة قطعا ، ولغا الاستثناء الثاني . 
ولو قال : ثلاثا إلا واحدة إلا واحدة ، فهل يقع اثنتان أم ثلاث  ؟ وجهان حكاهما  الحناطي  ، ولو قال : اثنتين إلا واحدة إلا واحدة ، فقيل : اثنتان ، وقيل : واحدة . 
ولو قال : ثلاثا إلا ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة  ، فقيل اثنتان . وقيل : واحدة ، قال  الحناطي     : ويحتمل وقوع الثلاث . 
المسألة الرابعة : إذا زاد على العدد الشرعي ، فهل ينصرف الاستثناء إلى الملفوظ به ، أم إلى المملوك وهو الثلاث  ؟ وجهان . أصحهما : إلى الملفوظ به ، وبه قال  ابن الحداد  ،  وابن القاص  ، وقال   أبو علي بن أبي هريرة   والطبري     : إلى المملوك . فإذا قال : أنت طالق خمسا إلا ثلاثا ، وقع طلقتان على الأول ، وثلاث على الثاني . 
ولو قال : خمسا إلا اثنتين ، وقع ثلاث على الأول ، وواحدة على الثاني . ولو قال : أربعا إلا اثنتين ، وقع اثنتان على الأول ، وواحدة على الثاني ، ولو قال : أربعا إلا واحدة ، وقع ثلاث على الأول ، واثنتان على الثاني ، ولو قال : أربعا إلا ثلاثا ، وقع على الأول واحدة ، وعلى الثاني ثلاث ، ولو قال : ستا أو سبعا أو أكثر من ذلك إلا ثلاثا ، وقع الثلاث على الوجهين ، ولو قال : ستا إلا أربعا ، فعلى الأول : يقع طلقتان ، وعلى الثاني : ثلاث . ولو قال : أربعا إلا ثلاثا إلا اثنتين ، فعلى الأول : يقع ثلاث ، وعلى الثاني : هو كقوله : ثلاثا إلا ثلاثا إلا اثنتين . ولو قال : خمسا إلا اثنتين إلا واحدة ، فعلى الأول يقع ثلاث ، وعلى الثاني طلقتان كقوله : ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة ، ولو قال : ثلاثا وثلاثا إلا أربعا ،   [ ص: 95 ] فإن جمعنا بين الجمل المعطوفة واعتبرنا الملفوظ ، فكقوله : ستا إلا أربعا ، وإلا طلقت ثلاثا . 
فرع 
قال : أنت بائن إلا بائنا ونوى بقوله : أنت بائن الثلاث  ، قال  إسماعيل البوشنجي     : يبنى على أنه لو قال : أنت واحدة ونوى الثلاث ، هل يقع الثلاث اعتبارا بالنية أم واحدة اعتبارا باللفظ ؟ فإن غلبنا اللفظ ، بطل الاستثناء كما لو قال : أنت طالق واحدة إلا واحدة . وإن غلبنا النية ، صح الاستثناء ووقع طلقتان ، وهذا هو الذي رجحه ونصره . 
قلت : الأول غلط ظاهر ، فإنه لا خلاف أنه إذا قال : أنت بائن ونوى الثلاث ، وقع الثلاث ، فكيف يبنى على الخلاف في قوله : أنت واحدة ؟ ! . والله أعلم . 
وفي معنى هذه الصورة قوله : أنت بائن إلا طالقا ونوى بقوله : بائن الثلاث . ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلا طالقا  ، صح الاستثناء كقوله : ثلاثا إلا طلقة ، وكذا لو قال : طالق وطالق وطالق إلا طالقا ونوى التكرار فيه احتمال . 
المسألة الخامسة : لو قدم الاستثناء على المستثنى منه ، فقال : أنت إلا واحدة طالق ثلاثا  ، حكى صاحب " المهذب " عن بعض الأصحاب ، أنه لا يصح الاستثناء ويقع الثلاث ، قال : وعندي أنه يصح فيقع طلقتان . 
المسألة السادسة : قال : أنت طالق ثلاثا إلا نصف طلقة  ، وقع الثلاث على الصحيح ، وقيل : طلقتان . ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلا طلقة ونصفا  ، فعلى الصحيح طلقتان ، وعلى الثاني طلقة . ولو قال : إلا نصفا وقع طلقة قطعا ، ولو قال : ثلاثة إلا طلقتين ونصفا ، فإن قلنا بالثاني ، فهو كقوله : ثلاثا إلا اثنتين وواحدة ، وإن قلنا بالصحيح ، فهل يقع ثلاث أم واحدة ، فيه   [ ص: 96 ] احتمالان للإمام . ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلا طلقتين إلا نصف طلقة  ، وقع طلقتان . ولو قال : واحدة ونصفا إلا واحدة ، نقل  الحناطي  وقوع طلقة . قال : ويحتمل وقوع طلقتين . ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلا نصفا  ، قال  البوشنجي     : يراجع ، فإن قال : أردت : إلا نصفها ، وقع طلقتان . وإن قال : أردت إلا نصف طلقة ، طلقت ثلاثا ، ويجيء فيه الوجه الضعيف ، وإن لم تكن نية فطلقتان . 
				
						
						
