فصل 
اعلم أن هذا الباب واسع جدا ويتلخص لمقصوده في أطراف . 
الأول : في التعليق بالأوقات  ، وفيه مسائل . 
الأولى : قال : أنت طالق في شهر كذا  ، أو غرة شهر كذا ، أو أوله ، أو رأس الشهر ، أو ابتداءه ، أو دخوله ، أو استقباله ، أو إذا جاء شهر كذا ، طلقت عند أول جزء منه ، فلو رأوا الهلال قبل غروب الشمس ، لم تطلق حتى تغرب . 
ولو قال : في نهار شهر كذا أو في أول يوم منه ، طلقت عند طلوع الفجر من اليوم الأول . ولو قال : أنت طالق في يوم كذا  ، طلقت عند طلوع الفجر   [ ص: 117 ] من ذلك اليوم ، وحكى  الحناطي  قولا ، أنها تطلق عند غروب الشمس من ذلك اليوم ، وطرده في الشهر أيضا ، وهو شاذ ضعيف جدا . وعلى قياس هذا ما لو قال : في وقت الظهر أو العصر ، ولو قال : أردت بقولي : في شهر كذا أو في يوم كذا وسطه أو آخره ، لم يقبل ظاهرا على الصحيح ، وحكى   ابن كج  وغيره في قبوله وجها ، ويدين قطعا . ولو قال : أردت بقولي : في غرته اليوم الثاني أو الثالث ، فكذلك ، لأن الثلاثة الأولى تسمى غررا ، فلو قال : أردت به المنتصف ، لم يدين ، لأنه لا يطلق على غير الثلاثة الأولى ، وكذا لو قال : في رأس الشهر ، ثم قال : أردت السادس عشر . 
الثانية : قال في رمضان : أنت طالق في رمضان  ، طلقت في الحال ، ولو قال : في أول رمضان ، وإذا جاء رمضان ، وقع في أول رمضان القابل . 
الثالثة : قال : أنت طالق في آخر رمضان  ، فهل يقع في جزء من الشهر ، أم أول جزء من ليلة السادس عشر ، أم أول اليوم الأخير منه ؟ فيه أوجه ، أصحها الأول ، ولو قال : أنت طالق في آخر السنة ، فعلى الأول يقع في آخر جزء من السنة ، وعلى الثاني في أول الشهر السابع . 
ولو قال : في آخر طهرك ، فعلى الأول يقع في آخر جزء من الطهر ، وعلى الثاني ، في أول النصف الثاني من الطهر . ولو قال : أنت طالق في أول آخر الشهر  ، قال الجمهور : يقع في أول اليوم الأخير . 
وقال  ابن سريج     : في أول النصف الأخير ، وقال  الصيرفي  أو غيره : في أول اليوم السادس عشر . 
ولو قال : أنت طالق في آخر أول الشهر  ، قال الجمهور : يقع عند غروب الشمس في اليوم الأول . وعن  ابن سريج  ، يقع في آخر جزء من الخامس عشر . وقيل : عند طلوع الفجر في اليوم الأول ، وبهذا قطع المتولي بدلا عن الأول .   [ ص: 118 ] فقال : لو قال : أنت طالق أخر أول آخر الشهر  ، فمن جعل آخر الشهر اليوم الأخير ، قال : تطلق بغروب الشمس في اليوم الأخير ، لأن ذلك اليوم هو آخر الشهر ، وأوله طلوع الفجر ، وآخر أوله غروب الشمس ، ومن جعل الآخر على النصف الثاني ، فأوله ليلة السادس عشر ، فتطلق عند انقضاء الشهر على الوجهين . 
الرابعة : قال : أنت طالق في سلخ الشهر  ، فأوجه . 
أحدها : وبه قطع الشيخ  أبو حامد  ورجحه   الغزالي     : يقع في آخر جزء من الشهر . 
والثاني : وبه قطع  المتولي  والبغوي     : يقع في أول اليوم الأخير . 
والثالث : في أول جزء من الشهر ، فإن الانسلاخ يأخذ من حينئذ . وقال الإمام : اسم السلخ يقع على الثلاثة الأخيرة من الشهر ، فتحتمل أن يقع في أول جزء من الثلاثة . 
قلت : الصواب الأول ، وما سواه ضعيف . والله أعلم . 
الخامسة : قال أنت طالق عند انتصاف الشهر  ، يقع عند غروب الشمس في اليوم الخامس عشر ، وإن كان الشهر ناقصا ، لأنه المفهوم من مطلقه ، ذكره  المتولي     . 
ولو قال : نصف النصف الأول من الشهر ، طلقت عند طلوع الفجر يوم الثامن . ولو قال : نصف يوم كذا ، طلقت عند الزوال لأنه المفهوم منه . وإن كان اليوم يحسب من طلوع الفجر شرعا ، ويكون نصفه الأول أطول . 
 [ ص: 119 ] السادسة : إذا قال : إذا مضى يوم فأنت طالق  ، نظر إن قاله بالليل ، طلقت عند غروب الشمس من الغد ، وإن قاله بالنهار ، طلقت إذا جاء مثل ذلك الوقت من اليوم الثاني ، هكذا أطلقوه . 
ولو فرض انطباق التعليق على أول نهار ، طلقت عند غروب شمس يومه . ولو قال : أنت طالق إذا مضى اليوم ، نظر ، إن قاله نهارا ، طلقت عند غروب شمسه ، وإن كان الباقي منه يسيرا ، وإن قاله ليلا ، كان لغوا ، إذ لا نهار ، ولا يمكن الحمل على الجنس . ولو قال : أنت طالق اليوم  ، طلقت في الحال نهارا كان أو ليلا ، قاله  المتولي  ، ويلغو قوله : اليوم لأنه لم يعلق ، وإنما أوقع وسمى الوقت بغير اسمه . ولو قال : أنت طالق الشهر ، أو السنة  ، وقع في الحال . 
السابعة : قال : إذا مضى شهر فأنت طالق  ، لم تطلق حتى يمضي شهر كامل . فإن اتفق قوله في ابتداء الهلال ، طلقت بمضيه تاما أو ناقصا ، وإلا فإن قاله ليلا ، طلقت إذا مضى ثلاثون يوما ، ومن ليلة الحادي والثلاثين تقدر ما كان سبق من ليلة التعليق ، وإن قاله : نهارا كمل من اليوم الحادي والثلاثين بعد التعليق . ولو قال : إذا مضى الشهر ، طلقت إذا انقضى الشهر الهلالي ، وكذا لو قال : إذا مضت السنة ، طلقت بمضي بقية السنة العربية ، وإن كانت قليلة ، وإنقال : إذا مضت سنة  بالتنكير ، لم تطلق حتى يمضي اثنا عشر شهرا ، ثم إن لم ينكسر الشهر الأول ، طلقت بمضي اثني عشر شهرا بالأهلة ، وإن انكسر به الأول ، حسب أحد عشر شهرا بعده بالأهلة ، وكملت بقية الأول ثلاثين يوما من الثالث عشر . وفي وجه : أنه إذا انكسر شهر ، انكسر جميع الشهور ، واعتبرت سنة بالعدد ، وقد سبق مثله في السلم وهو ضعيف . ولو شك فيما كان مضى من شهر التعليق ، لم يقع الطلاق إلا باليقين ، وذكر  الحناطي  في حل الوطء في حال التردد وجهين . 
 [ ص: 120 ] قلت : أصحهما الحل . والله أعلم . 
ولو قال : أردت بالسنة ، السنة الفارسية أو الرومية ، دين ولم يقبل ظاهرا على الصحيح . ولو قال : أردت بقولي : السنة سنة كاملة ، دين ولم يقبل ظاهرا . ولو قال : أردت بقولي سنة بقية السنة ، فقد غلط على نفسه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					