الباب الثاني في أحكام الإيلاء 
وفيه أربعة أطراف . 
الأول : في ضرب المدة ، فالإيلاء يقتضي ضرب المدة وهي أربعة أشهر  بنص القرآن الكريم ، وهي حق للزوج ، كالأجل حق للمدين ، وتحسب من وقت الإيلاء ، ولا يحتاج إلى ضرب القاضي ، وسواء كان الزوجان حرين ، أو رقيقين ، أو حرا ورقيقا . 
فصل 
فيما يمنع احتساب المدة ابتداء أو دواما 
قد سبق أنه إذا آلى من رجعية ، صح ، وتحسب المدة من  وقت الرجعة ، لا من وقت اليمين ، ولو آلى من زوجته ثم طلقها رجعيا ، انقضت المدة لجريانها إلى البينونة ، فلو راجعها   [ ص: 252 ] استؤنفت المدة ، لأن الإضرار إنما يحصل بالامتناع المتوالي في نكاح سليم ، وحكى  المتولي  وجها أنه يبنى عليها تخريجا مما إذا راجع المطلقة ثم طلقها قبل وطء ، فإنها تبنى على قول . ولو ارتد أحدهما بعد الدخول في المدة  ، انقطعت المدة ، ولا يحتسب زمان الردة منها ، لأنها تؤثر في قطع النكاح كالطلاق ، فإذا أسلم المرتد منهما ، استؤنفت المدة ، هذا هو المذهب ، وبه قطع الجماهير . 
وفي ردة الزوج وجه أنه إذا أسلم ، يبني ، وفي وجه حكاه  السرخسي  ، أن ردته لا تمنع الاحتساب ، كمرضه وسائر الأعذار . 
ولو وجد النكاح بعد أن بانت الرجعية ، أو كان الطلاق بائنا ، أو بعد البينونة بالردة والإضرار  ، أو بردة قبل الدخول ، وقلنا : يعود الإيلاء ، استؤنفت المدة . ولو طلقها بعد مدة الإيلاء طلقة رجعية بمطالبتها ، أو ابتداء ثم راجعها ، عاد الإيلاء ، وتستأنف المدة إن كانت اليمين على التأبيد ، أو كانت مؤقتة وقد بقي من وقت اليمين مدة الإيلاء . 
ولو ارتد أحد الزوجين بعد مضي المدة ، ثم أسلم قبل انقضاء العدة  ، عاد الإيلاء ، وتستأنف المدة أيضا ، وألحق  البغوي  العدة عن وطء الشبهة بالطلاق بالرجعي ، وبالردة في منع الاحتساب ووجوب الاستئناف عند انقضائها . 
فرع 
ما يمنع الوطء من غيره أن يحل بملك النكاح  ، إن وجد في الزوج ، لم يمنع احتساب المدة ، بل تضرب المدة مع اقتران المانع بالإيلاء . ولو طرأ في المدة ، لم يقطعها ، بل تطالب بالفيأة بعد أربعة أشهر إذا كان العذر إيلاء يوم المطالبة ، وسواء في ذلك المانع الشرعي ، كالصوم ، والاعتكاف ، والإحرام ، والحسي ، كالمرض ، والحبس ، والجنون ، وإن كان المانع فيها ، فقد يكون حسيا وشرعيا ، فالحسي ، كالنشوز والصغر الذي لا يحتمل معه الوطء ، والمرض المضني   [ ص: 253 ] المانع من الوطء ، فإن قارن ابتداء الإيلاء ، لم تبتدئ المدة حتى تزول ، وإن طرأ في المدة ، قطعها ، هذا هو المذهب في الطرفين ، وحكى  المزني  قولا في حبسه : أنه يمنع احتساب المدة ، فغلطه جمهور الأصحاب في النقل ، وصدقه بعضهم ، وحمله على ما إذا حبسته هي . 
وقيل : هو محمول على ما إذا حبس ظلما ، وحق هذا القائل أن يطرده في المرض ، وما لا يتعلق باختياره من الموانع ، وقد مال الإمام إلى هذا فقال : كان يحتمل أن يصدق  المزني  في النقل ، ويقال فيه وفي نص المرض : إنهما على قولين بالنقل والتخريج . 
وعن صاحب " التقريب " أن   البويطي  حكى قولا أن الموانع الطارئة فيها لا تمنع الاحتساب لحصول قصد المضارة ابتداء . فإذا قلنا بالمذهب ، فطرأ فيها مانع في المدة ، ثم زال ، استأنفت المدة على الصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور . 
وقيل : تبني . ولو طرأت هذه الموانع بعد تمام المدة ، وقبل المطالبة ، وزالت بعد ، فلها المطالبة ، ولا تفتقر إلى استئناف المدة ، لأنه وجدت المضارة في المدة على التوالي ، وقيل : تستأنف وهو غلط ، نسبه الإمام إلى بعض الضعفة ، وجنونها يمنع احتساب المدة إن كانت تمنع التمكين ، وإلا فلا . 
أما المانع الشرعي فيها ، فإن كان صوما أو اعتكافا مفروضين ، يمنع الاحتساب  ، ويجب الاستئناف إذا زال ، وإن كانا تطوعين ، لم يمنعا الاحتساب ، لأنه متمكن من وطئها ، هذا هو الصحيح الذي قطع به الأصحاب في الطرق ، وعن  الشيخ أبي محمد  ، أن العذر الشرعي لا يمنع الاحتساب ، ولا يقطع المدة ، وهو ضعيف ، والحيض لا يمنع الاحتساب قطعا ، وكذا النفاس على الأصح . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					