فصل 
وأما الأصل فبيان موانع النفقة  وهي أربعة : 
الأول : النشوز  ، فلا نفقة لناشزة ، وإن قدر الزوج على ردها   [ ص: 59 ] إلى الطاعة قهرا ، فلو نشزت بعض النهار فوجهان ، أحدهما : لا شيء لها . والثاني : لها بقسط زمن الطاعة إلا أن تسلم ليلا وتنشز نهارا ، أو بالعكس ، فلها نصف النفقة ، ولا ينظر إلى طول الليل وقصره ، وبالوجه الثاني قطع  السرخسي  ، ومنهم من رجح الأول وهو أوفق لما سبق فيما إذا سلم السيد الأمة المزوجة ليلا فقط ، ونشوز المراهقة والمجنونة كالبالغة العاقلة . 
فرع 
امتناعها عن الوطء والاستمتاع والزفاف بغير عذر  نشوز ، فلو قالت : سلم المهر لأسلم نفسي ، فإن جرى دخول ، أو كان المهر مؤجلا ، فهي ناشزة ، إذ ليس لها الامتناع والحالة هذه ، وإذا لم يجر دخول والمهر حال ، فلها النفقة من حينئذ ، هذا هو المذهب ، وفيه خلاف سبق في كتاب الصداق . ولو حل المؤجل ، فهل هو كالمؤجل أم كالحال ؟ وجهان وبالأول قطع  البغوي  ، لأن العقد لم يثبت هذا الامتناع . ولو كانت مريضة ، أو كان بها قرح يضرها الوطء ، فهي معذورة في الامتناع عن الوطء ، وعليه النفقة إذا كانت عنده . وكذا لو كان الرجل عبلا ، وهو كبير الذكر بحيث لا تحتمله ، فإن أنكر القرح المانع من الوطء ، فلها إثباته بقول النسوة ، وهل يشترط أربع نسوة ، لأنه شهادة يسقط بها حق الزوج ، أم تكفي امرأة ويجعل إخبارا ؟ وجهان ، أصحهما الأول ، وبالثاني قال  أبو إسحاق  ، وكذا لو أنكر الضرر بسبب العبالة يرجع فيه إلى النسوة ولا بأس بنظرهن إليه عند اجتماعهما ليشهدن ، وليس لها الامتناع من الزفاف بعذر عبالته كما سبق في أول كتاب الصداق ، ولها الامتناع بعذر المرض ، لأنه متوقع الزوال . 
 [ ص: 60 ] فرع 
لو قالت : لا أمكن إلا في بيتي ، أو في موضع كذا  ، أو بلد كذا ، فهي ناشزة . 
فرع 
هربها وخروجها من بيت الزوج وسفرها بغير إذنه  نشوز ، ويستثنى عن الخروج ما إذا أشرف المنزل على الانهدام ، أو كان المنزل لغير الزوج ، فأخرجت ، فإن سافرت بإذنه ، فإن كان معه أو وحدها في حاجته ، وجبت نفقتها ، فإن كانت وحدها لحاجتها ، فلا نفقة على الأظهر ، وقيل : لا نفقة قطعا ، وعن  ابن الوكيل  طرد القولين فيما إذا كانت معه لحاجة نفسها ، وقطع الجمهور في هذه الصورة بالوجوب . 
فرع 
تجب النفقة للمريضة والرتقاء  والمضناة التي لا تحتمل الجماع ، سواء حدثت هذه الأحوال بعد التسليم ، أم قارنته ، لأنها أعذار دائمة ، وقد سلمت التسليم الممكن ، وتمكن من الاستمتاع بها من بعض الوجوه ، وكذا حكم أيام الحيض والنفاس ، قال  البغوي     : ولو غصبت ، فلا نفقة ، وإن كانت معذورة لخروجها عن قبضته وفوات الاستمتاع بخلاف المريضة . 
قلت : ولو حبست ظلما أو بحق ، فلا نفقة كما لو وطئت بشبهة ، فاعتدت . والله أعلم . 
فرع 
نشزت ، فغاب الزوج ، فعادت إلى الطاعة ، فهل يعود استحقاق النفقة ؟  وجهان ، وفي " التتمة " قولان ، أصحهما : لا ، فعلى هذا يرفع الأمر إلى القاضي ، ليقضي بطاعتها ويخبر الزوج بذلك ، فإذا عاد إليها ،   [ ص: 61 ] أو بعث وكيله ، فاستأنف تسلمها ، عادت النفقة ، وإن مضى زمن إمكان العود ولم يعد ، ولا بعث وكيله ، عادت النفقة أيضا . 
فرع 
خرجت في غيبة الزوج إلى بيت أبيها لزيارة أو عيادة ، لا على وجه النشوز ، لا تسقط نفقتها ، ذكره  البغوي     . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					