الثالثة : إذا اصطدم صبيان أو مجنونان  نظر ؛ إن كانا ماشيين ، أو راكبين ركبا بأنفسهما ؛ فهما كالبالغين إلا أنا إذا أوجبنا هناك دية مغلظة ؛ فهي هنا مخففة ؛ إلا إذا قلنا : عمد الصبي والمجنون عمد . وإن أركبهما من لا ولاية له عليهما ؛ لم يهدر شيء من ديتهما ، ولا من قيمة الدابتين ، ولا شيء على الصبيين ، ولا على عاقلتهما ؛ بل إن كان المركب واحدا ؛ فعليه قيمة الدابتين ، وعلى عاقلته دية الصبيين ؛ وإن أركب هذا واحد وذاك آخر ؛ فعلى كل واحد نصف قيمة كل دابة . وكذا يضمن ما أتلفته دابة من أركبه بيدها أو رجلها ، وعلى عاقلة كل واحد نصف ديتي الصبيين ؛ هذا هو الصحيح المعروف الذي قطع به الأصحاب . 
وقال  الداركي  وابن المرزبان     : يلزم عاقلة كل مركب دية من أركبه ؛ قال الشيخ  أبو حامد     : هذا غلط ، قال في " الوسيط " : فلو تعمد الصبي والحالة هذه ؛ احتمل أن يحال الهلاك عليه إذا قلنا : عمده عمد ؛ لأن المباشرة مقدمة على التسبب ؛ وهذا احتمال حسن . 
فإن قيل به ؛ فحكمه كما لو ركبا بأنفسهما ، والاعتذار عنه تكلف ، ولو وقع الصبي فمات ؛ فقد أطلق الشيخ  أبو حامد  أنه يتعلق بالمركب الضمان ، وقال  المتولي     : إن كان مثله لا يستمسك على الدابة ولم يشده ؛ وجب الضمان ؛ وإن كان يستمسك ؛ فإن كان ينقله من موضع إلى موضع فلا ضمان ؛ سواء أركبه الولي أو غيره ؛ لأنه لا يخاف منه الهلاك غالبا . وإن أركبه ليتعلم الفروسية ؛ فهو كما لو تلف في يد السباح . وفي كل واحد من الإطلاق والتفصيل نظر . 
أما إذا أركبهما ولياهما لمصلحتهما فوجهان ؛ أصحهما : لا ضمان على الولي ؛ كما لو   [ ص: 334 ] ركبا بأنفسهما إذ لا تقصير ، والثاني قاله  القفال     : يجب الضمان ؛ لأن في الإركاب خطرا ؛ هكذا أطلق جماعة الوجهين ، وخصهما الإمام بالإركاب لزينة أو حاجة غير مهمة ؛ قال : فأما إذا مست حاجة أرهقت إلى إركابه للانتقال إلى مكان ؛ فلا ضمان قطعا ، ثم الوجهان مخصوصان بما إذا ظهر ظن السلامة ؛ فأما إذا أركبه الولي دابة شرسة جموحا ؛ فلا شك في أنه يتعلق به الضمان . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					