فصل 
في مسائل منثورة . حلف : لا يدخل هذه وأشار إلى دار ، فانهدمت  ، حنث بدخوله عرصتها . ولو قال : لا أدخل هذه الدار فانهدمت ، نظر إن بقيت أصول الحيطان والرسوم ، حنث ، وإن صارت فضاء ، فدخلها ، لم يحنث على المذهب ، وبه قطع الأكثرون ، وجعله الإمام على الوجهين فيمن قال : لا آكل هذه الحنطة ، فأكل دقيقها .   [ ص: 85 ] وكذا لو حلف : لا يدخل دارا أو بيتا ، فدخل عرصة كانت دارا أو بيتا . ولو جعلت الدار مسجدا ، أو بستانا أو حماما ، لم يحنث بدخوله ، ولو أعيدت الدار بغير الآلة الأولى ، فدخلها ، لم يحنث ، وإن أعيدت بتلك الآلة فوجهان . 
قلت : أصحهما الحنث . - والله أعلم - . 
ولو حلف : لا يشم الريحان  ، حنث بشم الضيمران دون الورد والبنفسج والياسمين والنرجس والمرزنجوش والزعفران ، ويمكن أن يقال : هذا فيما إذا ذكر الريحان معرفا ، فأما إذا نكره ، فقال : لا أشم ريحانا ، فيحنث بها كلها . 
قلت : الظاهر من حيث الدليل ، ومن مقتضى كلام الأصحاب أنه لا فرق ، ولا يحنث مطلقا بما بعد الضيمران . - والله أعلم - . 
ولو حلف : لا يشم مشموما  ، حنث بشم جميع ذلك ، ولا يحنث بشم المسك والكافور والعود والصندل . ولو حلف : لا يشم الورد والبنفسج ، فشمهما بعد الجفاف  ، فوجهان ولا يحنث بشم دهنهما . ولو حلف : لا يستخدم زيدا ، فخدمه من غير أن يطلب الحالف ذلك ، لم يحنث ، سواء فيه عبده وغيره . ولو حلف : لا يتسرى فثلاثة أوجه ، الأصح المنصوص : أن التسري إنما يحصل بثلاثة أشياء : ستر الجارية عن أعين الناس والوطء والإنزال ، والثاني : يكفي الستر والوطء ، والثالث : يكفي الوطء . ولو حلف : لا يقرأ القرآن ، فقرأ جنبا  ،   [ ص: 86 ] حنث . وإن حلف : ليقرأن ، فقرأه جنبا ، بر ، بخلاف ما لو نذر أن يقرأ فقرأ جنبا ، لا يجزئه ، لأن المقصود من النذر التقرب ، والمعصية لا يتقرب بها . ولو حلف : ليقرأن جنبا ، بر بالقراءة جنبا ، وإن عصى ولو نذر أن يقرأ جنبا ، لغا نذره . 
فرع 
في فتاوى  القفال  أنه لو قال : لا أصلي على هذا المصلى ، ففرش فوقه ثوبا وصلى عليه  ، فإن نوى أنه لا يباشره بقدميه وجبهته وثيابه ، لم يحنث ، وإلا فيحنث ، كما لو قال : لا أصلي في هذا المسجد ، فصلى على حصير فيه ، وإن علق به الطلاق ، ثم قال : أردت أني لا أباشره ، دين ، ولم يقبل في الحكم ، وأنه لو حلف : لا يكلم زيدا شهرا ، فولاه ظهره ، ثم قال : يا زيد افعل كذا  ، حنث ، ولو أقبل على الجدار ، وقال : يا جدار افعل كذا ، لم يحنث وإن كان غرضه إفهام زيد . وكذا لو أقبل على الجدار وتكلم ولم يقل : يا زيد ولا يا جدار ، لم يحنث ، وأنه لو حلف : لا يلبس ثوبا من غزلها ، فرقع ثوبه برقعة كرباس من غزلها ، حنث ، وقال   أبو عاصم العبادي     : لا يحنث وتلك الرقعة تبع . 
قلت : قول  أبي عاصم  هو الصحيح ، لأنه لا يسمى لابسا ثوبا من غزلها . - والله أعلم - . 
ولو تعمم بعمامة ، نسجت من غزلها ، حنث إن حلف بالعربية ، وإن حلف بالفارسية ، فلا ، وإن التحف بلحاف من غزلها ، لم يحنث . 
قلت : يجيء فيه الخلاف السابق في التدثر . - والله أعلم - . 
وأنه لو حلف : لا يفعل كذا ، ففعله في حال جنونه  ، ففي الحنث قولان . 
 [ ص: 87 ] فرع 
في " المبتدأ " في الفقه للقاضي  الروياني  أنه لو قال : لا أدخل حانوت فلان ، فدخل الحانوت الذي يعمل فيه وهو ملك غيره  ، لم يحنث ، نص عليه   الشافعي     - رحمه الله - ، قال : والفتوى أنه يحنث ، لأنه لا يراد به إلا الذي يسكنه ويعمل فيه . ولو قيل له : كلم زيدا اليوم ، فقال : والله لا كلمته ، انعقدت اليمين على الأبد إلا أن ينوي اليوم ، فإن كان ذلك في طلاق وقال : أردت اليوم ، لم يقبل في الحكم . 
قلت : الصواب قبوله في الحكم كما سبق في نظائره في كتاب الطلاق . - والله أعلم - . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					