المسألة الرابعة : إذا نصب الإمام قاضيين في بلد واحد  ، نظر إن خص كل واحد بطرف منه ، أو بزمان ، أو جعل أحدهما قاضيا في الأموال ، والآخر في الدماء والفروج ، جاز ، قال   ابن كج     : وكذا لو ولاهما على أن يحكم كل واحد منهما في الواقعة التي يرفعها المتخاصمان إليه ، وإن عمم ولايتهما مكانا وزمانا وحادثة ، فإن شرط عليهما الاجتماع   [ ص: 121 ] في الحكم ، لم يجز ؛ لأن الخلاف يكثر في محل الاجتهاد ، فتتعطل الحكومات ، وإن أثبت لكل واحد الاستقلال فوجهان ، أحدهما : لا يجوز كالإمامة العظمى ، فعلى هذا إن ولاهما معا ، بطلت توليتهما ، وإن ولاهما متعاقبين ، صحت تولية الأول دون الثاني ، وأصحهما الجواز ، الوكيلين والوصيين . 
فعلى هذا لو تنازع الخصمان في إجابة داعي القاضيين  يجاب من سبق داعيه ، فإن جاءا معا أقرع ، وإن تنازعا في اختيار القاضيين ، فقد أطلق   الغزالي  أنه يقرع ، وقال  الماوردي     : القول قول الطالب دون المطلوب ، فإن تساويا ، حضرا عند أقرب القاضيين إليهما ، فإن استويا في القرب فالأصح أنه يقرع ، وقيل : يمنعان من التخاصم حتى يتفقا على أحدهما . وإن أطلق نصب قاضيين ، ولم يشرط اجتماعهما ، ولا استقلالهما ، قال صاحب " التقريب " : يحمل على إثبات الاستقلال تنزيلا للمطلق على ما يجوز ، وقال غيره : التولية باطلة حتى يصرح بالاستقلال . 
قلت : قول صاحب " التقريب " أصح ، وبه قطع  الرافعي  في " المحرر " ، والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					