فرع 
إذا عدم المتمتع الدم في موضعه  ، لزمه صوم عشرة أيام ، سواء كان له مال غائب في بلده ، أو غيره أم لم يكن ، بخلاف الكفارة ، فإنه يعتبر في الانتقال إلى الصوم فيها العدم مطلقا . 
والفرق أن بدل الدم موقت بكونه في الحج ، ولا توقيت في الكفارة . ثم إن الصوم يقسم ثلاثة أيام ، وسبعة . فالثلاثة يصومها في الحج ، ولا يجوز تقديمها على الإحرام بالحج ، ولا يجوز صوم شيء منها في يوم النحر . وفي أيام التشريق قولان تقدما في كتاب " الصيام " . ويستحب أن يصوم جميع الثلاثة قبل يوم عرفة  ؛ لأنه يستحب للحاج فطر يوم عرفة  ، وإنما يمكنه هذا إذا تقدم إحرامه بالحج على اليوم السادس من ذي الحجة . قال الأصحاب : المستحب للمتمتع الذي هو من أهل الصوم ، أن يحرم بالحج قبل السادس . وحكى  الحناطي  وجها : أنه إذا لم يتوقع هديا وجب تقديم الإحرام بالحج على السابع ، ليمكنه صوم الثلاثة قبل يوم النحر . وأما واجد الهدي ، فيستحب أن يحرم بالحج يوم التروية ، وهو الثامن من ذي الحجة ، ويتوجه بعد الزوال إلى منى . وإذا فات صوم الثلاثة في الحج ، لزمه قضاؤها ، ولا دم عليه . وعن  ابن سريج  ،  وأبي إسحاق  تخريج قول : أنه يسقط الصوم ويستقر الهدي في ذمته . 
واعلم أن فواتها يحصل بفوات يوم عرفة  إن قلنا : إن أيام التشريق لا يجوز صومها ، وإلا حصل الفوات بخروج أيام التشريق . ولا خلاف أنها تفوت بفوات أيام التشريق . حتى لو تأخر طواف الزيارة عن أيام التشريق ، كان بعد في   [ ص: 54 ] الحج ، وكان صوم الثلاثة بعد التشريق قضاء وإن بقي الطواف ؛ لأن تأخره بعيد في العادة ، فلا يقع مرادا من قول الله تعالى : ( ثلاثة أيام في الحج    ) [ البقرة : 196 ] هكذا حكاه الإمام وغيره . وفي " التهذيب " حكاية وجه ضعيف ينازع فيه . 
فرع 
وأما السبعة ، فوقتها إذا رجع . وفي المراد بالرجوع ، قولان . أظهرهما : الرجوع إلى الأهل والوطن ، نص عليه في " المختصر " وحرملة . والثاني : أنه الفراغ من الحج . فإن قلنا بالأول ، فإن توطن مكة  بعد فراغه من الحج ، صام بها . وإن لم يتوطنها ، لم يجز صومه بها . وهل يجوز في الطريق إذا توجه إلى وطنه ؟ فيه طريقان . 
المذهب : لا يجوز ، وبه قطع العراقيون . والثاني : وجهان . أصحهما : لا يجوز . وإذا قلنا : إنه الفراغ ، فلو أخره حتى يرجع إلى وطنه ، جاز . وهل هو أفضل ، أم التقديم ؟ قولان . أظهرهما : التأخير أفضل ، للخروج من الخلاف . 
والثاني : التقديم مبادرة إلى الواجب . ولا يصح صوم شيء من السبعة في أيام التشريق بلا خلاف ، وإن قلنا : إنها قابلة للصوم ، سواء قلنا : المراد بالرجوع الفراغ ، أو الوطن ؛ لأنه بعد في الحج ، وإن حصل التحلل . وحكي قول : إن المراد بالرجوع الرجوع إلى مكة  من منى    . وجعل إمام الحرمين   والغزالي  هذا قولا سوى قول الفراغ من الحج ، ومقتضى كلام كثير من الأئمة : أنهما شيء واحد ، وهو الأشبه . وعلى تقدير كونه قولا آخر ، يتفرع عليه أنه لو رجع من منى  إلى مكة  صح صومه وإن تأخر طواف الوداع . 
 [ ص: 55 ] فرع 
إذا لم يصم الثلاثة في الحج ورجع  لزمه صوم العشرة . وفي الثلاثة ، القول المخرج الذي سبق . فعلى المذهب : هل يجب التفريق في القضاء بين الثلاثة والسبعة ؟ قولان . وقيل : وجهان . أصحهما عند الجمهور : يجب . والأصح عند الإمام : لا يجب . فعلى الأول ، هل يجب التفريق بقدر ما يقع تفريق الأداء ؟ قولان . أحدهما : لا ، بل يكفي التفريق بيوم ، نص عليه في " الإملاء " . وأظهرهما : يجب . وفي قدره أربعة أقوال تتولد من أصلين سبقا ، وهما صوم المتمتع أيام التشريق ، وأن الرجوع ماذا ؟ فإن قلنا : ليس للمتمتع صوم التشريق ، وأن الرجوع إلى الوطن ، فالتفريق بأربعة أيام . 
ومدة إمكان السير إلى أهله ، على العادة الغالبة . وإن قلنا : ليس له صومها ، وأن الرجوع ، الفراغ ، فالتفريق بأربعة فقط . وإن قلنا : له صومها ، وأن الرجوع إلى الوطن ، فالتفريق بمدة إمكان السير . وإن قلنا : له صومها ، والرجوع الفراغ ، فوجهان . أصحهما : يجب التفريق . 
والثاني : لا بد من التفريق بيوم . فإن أردت حصر الأقوال التي تجئ فيمن لم يصم الثلاثة في الحج مختصرا ، حصلت ستة . 
أحدها : لا صوم ، بل ينتقل إلى الهدي . والثاني : عليه صوم عشرة متفرقة أو متتابعة . والثالث : عشرة ويفرق بيوم فصاعدا . والرابع : يفرق بأربعة ومدة إمكان السير إلى الوطن . والخامس : يفرق بأربعة فقط . والسادس : بمدة إمكان السير فقط . 
قلت : المذهب منها : هو الرابع . - والله أعلم - . 
ولو صام عشرة متوالية ، وقلنا بالمذهب ، وهو وجوب قضاء الثلاثة أجزأه إن لم نشترط التفريق . فإن شرطناه واكتفينا بيوم ، لم يعتد باليوم الرابع ، ويحسب   [ ص: 56 ] ما بعده ، فيصوم يوما آخر . هذا هو الصحيح المعروف . وفي وجه : لا يعتد بشيء سوى الثلاثة . وفي وجه  للإصطخري     : لا يعتد بالثلاثة أيضا إذا نوى التتابع ، وهما شاذان . وإن شرطنا التفريق بأكثر من يوم لم يعتد بذلك القدر . 
فرع 
كل واحد من صوم الثلاثة ، والسبعة ، لا يجب فيه التتابع ، لكن يستحب . وحكي في وجوب التتابع قول مخرج من كفارة اليمين ، وهو شاذ ضعيف . 
فرع 
إذا شرع في صوم الثلاثة أو السبعة ، ثم وجد الهدي  ، لم يلزمه الهدي ، لكن يستحب . وقال  المزني     : يلزمه . ولو أحرم بالحج ولا هدي ، ثم وجده قبل الشروع في الصوم  ، بني على أن المعتبر في الكفارة حال الوجوب ، أم الأداء ، أم أغلظهما ؟ إن اعتبرنا حال الوجوب ، أجزأه الصوم ، وإلا لزم الهدي ، وهو نصه في هذه المسألة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					