فصل 
إذا اشترى عبدين ، فتلف أحدهما قبل القبض ، انفسخ البيع  فيه ، وفي الباقي قولا التفريق . فإن قلنا : لا ينفسخ ، وأجاز ، فبكم يجيز ؟ فيه خلاف قدمناه في باب تفريق الصفقة . ولو احترق سقف الدار المبيعة قبل القبض ، أو تلف بعض أبنيتها  ، فوجهان . 
أحدهما : أنه كالتعيب ، كسقوط يد المبيع ونحوه . 
وأصحهما : أنه كتلف أحد العبدين ، فينفسخ البيع فيه . وفي الباقي القولان ; لأن السقف يمكن بيعه منفصلا ، بخلاف يد العبد . وذكر بعض المتأخرين أنه إذا احترق .   [ ص: 508 ]   . من الدار ما يفوت الغرض المطلوب منها ، ولم يبق إلا طرف ، انفسخ البيع في الكل ، وجعل فوات البعض في ذلك ، كفوات الكل . 
الحكم الثاني للقبض : التسلط على التصرف ، فلا يجوز بيع المبيع قبل القبض  ، عقارا كان أو منقولا ، لا بإذن البائع ، ولا دون إذنه ، لا قبل أداء الثمن ، ولا بعده . وفي الإعتاق قبل القبض  أوجه . أصحها : يصح ، ويصير قبضا ، سواء كان للبائع حق الحبس ، أم لا . والثاني : لا يصح . والثالث : إن لم يكن للبائع حق الحبس ، بأن كان الثمن مؤجلا أو حالا [ وقد ] أداه المشتري ، صح ، وإلا فلا . وإن وقف المبيع قبل القبض . قال في " التتمة " : إن قلنا : الوقف يفتقر إلى القبول ، فهو كالبيع ، وإلا فهو كالإعتاق ، وبه قطع في " الحاوي " ، وقال : يصير قابضا ، حتى لو لم يرفع البائع يده عنه ، صار مضمونا عليه بالقيمة . وكذا قال في إباحة الطعام للمساكين إذا كان قد اشتراه جزافا . 
والكتابة كالبيع على الأصح ، إذ ليس لها قوة العتق وغلبته ، والاستيلاد كالعتق . وفي الرهن والهبة وجهان . وقيل : قولان . أصحهما عند جمهور الأصحاب : لا يصحان . وإذا صححناهما ، فنفس العقد ليس بقبض ، بل يقبضه المشتري من البائع ، ثم يسلمه للمتهب والمرتهن . فلو أذن للمتهب والمرتهن في قبضه ، قال في " التهذيب " : يكفي ، ويتم به البيع والرهن والهبة بعده . وقال  الماوردي     : لا يكفي ذلك للبيع وما بعده ، ولكن ينظر ، إن قصد قبضه للمشتري ، صح قبض البيع ، ولا بد من استئناف قبض للهبة ، ولا يجوز أن يأذن له في قبضه من نفسه لنفسه . وإن قصد قبضه لنفسه ، لم يحصل القبض للبيع ، ولا للهبة ; لأن قبضها ، يجب أن يتأخر عن تمام البيع . . 
والإقراض والتصدق كالهبة والرهن ، ففيهما الخلاف . ولا تصح إجارته على الأصح عند الجمهور . ويصح التزويج على أصح الأوجه ، ولا يصح في الثاني . وفي الثالث : إن كان للبائع حق الحبس ،   [ ص: 507 ] لم يصح ، وإلا صح . وطرد هذا الوجه في الإجارة . وإذا صححنا التزويج ، فوطئ الزوج ، لم يكن قبضا . 
فرع 
كما لا يجوز بيع المبيع قبل القبض  ، لا يجوز جعله أجرة ولا عوضا في صلح ولا يجوز السلم ولا التولية والإشراك . وفي التولية والإشراك وجه ضعيف . 
فرع 
جميع ما ذكرنا في تصرفه مع غير البائع . أما إذا باعه للبائع ، فوجهان . 
أصحهما : أنه كغيره . والثاني : يصح ، وهما فيما إذا باعه بغير جنس الثمن ، أو بزيادة ، أو نقص ، أو تفاوت صفة ، وإلا فهو إقالة بصيغة البيع ، قاله في " التتمة " . ولو رهنه أو وهبه له ، فطريقان . 
أحدهما : القطع بالبطلان . وأصحهما : أنه على الخلاف كغيره . فإن جوزنا ، فأذن له في القبض ، فقبض ، ملك في صورة الهبة ، وثبت الرهن . ولا يزول ضمان البيع في صورة الرهن ، بل إن تلف انفسخ البيع . ولو رهنه عند البائع بالثمن ، فقد سبق حكمه . 
فرع 
لابن سريج     . 
باع عبدا بثوب ، وقبض الثوب ، ولم يسلم العبد ، فله بيع الثوب  ، وليس للآخر بيع العبد . فلو باع الثوب وهلك العبد ، بطل العقد فيه ، ولا يبطل في الثوب ، ويغرم قيمته لبائعه . ولا فرق بين أن يكون هلاك العبد .   [ ص: 510 ] بعد تسليم الثوب أو قبله ، لخروجه عن ملكه بالبيع ، ولو تلف الثوب والعبد في يده ، غرم لبائع الثوب القيمة ، ولمشتريه الثمن . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					