الفصل الثاني  
فيمن يجب غسله من الموتى   
وأما الأموات الذين يجب غسلهم فإنهم اتفقوا من ذلك على غسل الميت المسلم الذي لم يقتل في معترك حرب الكفار . واختلفوا في  غسل الشهيد   ، وفي الصلاة عليه ، وفي غسل المشرك .  
فأما الشهيد - أعني : الذي قتله في المعترك المشركون - : فإن الجمهور على ترك غسله لما روي : "  أن      [ ص: 190 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتلى  أحد   فدفنوا بثيابهم ولم يصل عليهم     " . وكان  الحسن   وسعيد بن المسيب  يقولان : يغسل كل مسلم فإن كل ميت يجنب ، ولعلهم كانوا يرون إن ما فعل بقتلى  أحد   كان لموضع الضرورة - أعني : المشقة في غسلهم - ، وقال بقولهم من فقهاء الأمصار :  عبيد الله بن الحسن العنبري     . وسئل  أبو عمر  فيما حكى  ابن المنذر  عن غسل الشهيد فقال : قد غسل  عمر  وكفن وحنط وصلي عليه ، وكان شهيدا - يرحمه الله - .  
واختلف الذين اتفقوا على أن الشهيد في حرب المشركين لا يغسل في الشهداء من قتل اللصوص أو غير أهل الشرك . فقال   الأوزاعي  وأحمد  وجماعة : حكمهم حكم من قتله أهل الشرك . وقال  مالك   والشافعي     : يغسل .  
وسبب اختلافهم هو : هل الموجب لرفع حكم الغسل هي الشهادة مطلقا ، أو الشهادة على أيدي الكفار : فمن رأى أن سبب ذلك هي الشهادة مطلقا قال : لا يغسل كل من نص عليه النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه شهيد ممن قتل .  
ومن رأى أن سبب ذلك هي الشهادة من الكفار قصر ذلك عليهم .  
وأما  غسل المسلم الكافر   فكان  مالك  يقول : لا يغسل المسلم والده الكافر ولا يقبره ، إلا أن يخاف ضياعه فيواريه . وقال   الشافعي     : لا بأس بغسل المسلم قرابته من المشركين ودفنهم ، وبه قال   أبو ثور  وأبو حنيفة  وأصحابه . قال   أبو بكر بن المنذر     : ليس في غسل الميت المشرك سنة تتبع ، وقد روي : "  أن النبي - عليه الصلاة والسلام - أمر بغسل عمه لما مات     " .  
وسبب الخلاف : هل الغسل من باب العبادة ، أو من باب النظافة ؟ فإن كانت عبادة لم يجز غسل الكافر ، وإن كانت نظافة جاز غسله .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					