ميراث الإخوة للأب والأم أو للأب  
 وأجمع العلماء على أن الإخوة للأب والأم أو للأب فقط يرثون في الكلالة أيضا . أما  الأخت إذا انفردت فإن لها النصف وإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان   ، كالحال في البنات ، وإنهم إن كانوا ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين كحال البنين مع البنات ، وهذا لقوله تعالى : (  يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة      ) إلا أنهم اختلفوا في  معنى الكلالة   هاهنا في أشياء واتفقوا منها في أشياء يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى .  
فمن ذلك أنهم أجمعوا من هذا الباب على أن الإخوة للأب والأم ذكرانا كانوا أو إناثا أنهم لا يرثون مع الولد الذكر شيئا ، ولا مع ولد الولد ، ولا مع الأب شيئا . واختلفوا فيما سوى ذلك ، فمنها :  
أنهم اختلفوا في ميراث الإخوة للأب والأم مع البنت أو البنات ، فذهب الجمهور إلى أنهن عصبة يعطون ما فضل عن البنات ، وذهب   داود بن علي الظاهري  وطائفة إلى أن الأخت لا ترث مع البنت شيئا .  
وعمدة الجمهور في هذا الحديث   ابن مسعود  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في ابنة وابنة ابن وأخت " إن للبنت النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت     " . وأيضا من جهة النظر لما أجمعوا على توريث الإخوة مع البنات ، فكذلك الأخوات .  
وعمدة الفريق الآخر ظاهر قوله تعالى : (  إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت      ) فلم يجعل للأخت شيئا إلا مع عدم الولد ، والجمهور حملوا اسم الولد هاهنا على الذكور دون الإناث .  
وأجمع العلماء من هذا الباب على أن الأخوة للأب والأم يحجبون الإخوة للأب عن الميراث قياسا على بني الأبناء مع بني الصلب . قال  أبو عمر     : وقد روي ذلك في حديث حسن من رواية الآحاد العدول ، عن  علي     - رضي الله عنه - قال "  قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات     " .  
وأجمع العلماء على أن الأخوات للأب والأم إذا استكملن الثلثين فإنه ليس للأخوات للأب معهن شيء كالحال في بنات الابن مع بنات الصلب ، وأنه إن كانت الأخت للأب والأم واحدة فللأخوات للأب ما كن بقية الثلثين وهو السدس .  
واختلفوا إذا كان مع الأخوات للأب ذكر ، فقال الجمهور : يعصبهن ويقتسمون المال للذكر مثل حظ      [ ص: 676 ] الأنثيين ، كالحال في بنات الابن مع بنات الصلب; واشترط مالك أن يكون في درجتهن ، وقال   ابن مسعود     : إذا استكمل الأخوات الشقائق الثلثين فالباقي للذكور من الإخوة للأب دون الإناث ، وبه قال   أبو ثور  ، وخالفه  داود  في هذه المسألة ، مع موافقته له في مسألة بنات الصلب وبني البنين ، فإن لم يستكملن الثلثين ، فللذكر عنده من بني الأب مثل حظ الأنثيين ، إلا أن يكون الحاصل للنساء أكثر من السدس كالحال في بنت الصلب مع بني الابن .  
وأدلة الفريقين في هذه المسألة هي تلك الأدلة بأعيانها .  
وأجمعوا على أن الإخوة للأب يقومون مقام الإخوة للأب والأم عند فقدهم ، كالحال في بني البنين مع البنين ، وأنه إذا كان معهن ذكر عصبهن ، بأن يبدأ بمن له فرض مسمى ، ثم يرثون الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين كالحال في البنين إلا في موضع واحد ، وهي الفريضة التي تعرف بالمشركة ، فإن العلماء اختلفوا فيها ، وهي امرأة توفيت وتركت زوجها وأمها وإخوتها لأمها وإخوتها لأبيها وأمها ، فكان عمر ، وعثمان ، وزيد بن ثابت يعطون للزوج النصف ، وللأم السدس ، وللإخوة للأم الثلث ، فيستغرقون المال فيبقى الإخوة للأب والأم بلا شيء ، فكانوا يشركون الإخوة للأب والأم في الثلث مع الإخوة للأم يقتسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين . وبالتشريك قال من فقهاء الأمصار  مالك  ،   والشافعي   والثوري     .  
وكان  علي     - رضي الله عنه -   وأبي بن كعب  ،   وأبو موسى الأشعري  لا يشركون إخوة الأب والأم في الثلث مع إخوة الأم في هذه الفريضة ، ولا يوجبون لهم شيئا فيها ، وقال به من فقهاء الأمصار :  أبو حنيفة  ،   وابن أبي ليلى  ،  وأحمد  ،   وأبو ثور  ،  وداود  وجماعة .  
وحجة الفريق الأول أن الإخوة للأب والأم يشاركون الإخوة للأم في السبب الذي به يستوجبون الإرث وهي الأم فوجب أن لا ينفردوا به دونهم ; لأنه إذا اشتركوا في السبب الذي به يورثون وجب أن يشتركوا في الميراث .  
وحجة الفريق الثاني أن الإخوة الشقائق عصبة ، فلا شيء لهم إذا أحاطت فرائض ذوي السهام بالميراث . وعمدتهم باتفاق الجميع على أن من ترك زوجا وأما وأخا واحدا لأم وإخوة شقائق عشرة أو أكثر أن الأخ للأم يستحق هاهنا السدس كاملا ، والسدس الباقي بين الباقين مع أنهم مشاركون له في الأم . فسبب الاختلاف في أكثر مسائل الفرائض هو تعارض المقاييس واشتراك الألفاظ فيما فيه نص .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					