[ ص: 210 ] المسألة السادسة  
فإن  الشارع لم يقصد إلى التكاليف بالشاق الإعنات فيه   ، والدليل على ذلك أمور :  
أحدها : النصوص الدالة على ذلك; كقوله تعالى :  ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم      [ الأعراف : 157 ] .  
وقوله :  ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا      [ البقرة : 286 ] الآية .  
وفي الحديث : "  قال الله تعالى : قد فعلت     " .  
وجاء :  لا يكلف الله نفسا إلا وسعها      [ البقرة : 286 ] .  
يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر      [ البقرة : 185 ] .  
 [ ص: 211 ] وما جعل عليكم في الدين من حرج      [ الحج : 78 ] .  
يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا      [ النساء : 28 ] .  
ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم      [ المائدة : 6 ] الآية .  
وفي الحديث :  بعثت بالحنيفية السمحة     .  
وما خير بين شيئين; إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما     .  
 [ ص: 212 ] وإنما قال : "  ما لم يكن إثما     " ; لأن ترك الإثم لا مشقة فيه ، من حيث كان مجرد ترك ، إلى أشباه ذلك مما في هذا المعنى ولو كان قاصدا للمشقة لما كان مريدا لليسر ولا للتخفيف ، ولكان مريدا للحرج والعسر ، وذلك باطل .  
والثاني : ما ثبت أيضا من مشروعية الرخص ، وهو أمر مقطوع به ، ومما علم من دين الأمة ضرورة; كرخص القصر ، والفطر ، والجمع ، وتناول المحرمات في الاضطرار ، فإن هذا النمط يدل قطعا على مطلق رفع الحرج والمشقة ، وكذلك ما جاء من النهي عن التعمق والتكلف والتسبب في الانقطاع عن دوام الأعمال ، ولو كان الشارع قاصدا للمشقة في التكليف ، لما كان ثم ترخيص ولا تخفيف .  
والثالث : الإجماع على عدم وقوعه وجودا في التكليف ، وهو يدل على عدم قصد الشارع إليه ، ولو كان واقعا لحصل في الشريعة التناقض      [ ص: 213 ] والاختلاف ، وذلك منفي عنها; فإنه إذا كان وضع الشريعة على قصد الإعنات والمشقة ، وقد ثبت أنها موضوعة على قصد الرفق والتيسير; كان الجمع بينهما تناقضا واختلافا ، وهي منزهة عن ذلك .  
وأما الثالث : وهي :  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					