ذكر الأرض تستعار على أن يبني (بها) المستعير ثم يبدو لرب المال إخراجه 
واختلفوا في الأرض يستعيرها الرجل من الرجل على أن يبني فيها المستعير أو يغرس ، ولم يؤقت في ذلك وقتا ، أو وقت وقتا ثم إن رب الأرض أراد إخراجه من أرضه   . 
فقالت طائفة : إذا أخرجه ضمن له قيمة بنائه وغرسه وقت له وقت دفعها إليه أو لم يوقت . هذا قول  الشافعي   . قال : ولكنه لو قال : فإن انقضت العشر (سنين) كان عليك أن تنقض بناءك ، كان ذلك عليه ، لأنه لم يغره إنما غر هو نفسه . وكان  ابن أبي ليلى  يقول : الذي أعاره ضامن لقيمة البنيان ، والبناء للمعير . قال : وكذلك بلغنا عن شريح   . 
وقالت طائفة : إذا أعاره أرضا على أن يبني ويغرس ، ثم بدا لصاحبها أن يخرجه منها كان له إخراجه ، ونقض هذا بناءه ، وقلع غرسه ، ولا يضمن المعير شيئا ، وذلك إذا لم يكن وقت له وقتا ، فإن وقت له وقتا فأخرجه قبل  [ ص: 361 ] الوقت أدى قيمة ذلك ، وإن شاء صاحب البناء و (الغراس) أخذ بناءه وغرسه . قال : هذا قول أصحاب الرأي ، وحكى  الشافعي  عن النعمان  مثله في الذي لم يوقت وقتا . قال وبه يأخذ . 
وذكر  ابن القاسم  أنه بلغه أن مالكا قال : أما ما قرب من ذلك الذي يرى أن مثله لم يكن ليبني على أن يخرج في قرب ذلك ، وهو يراه حتى بنى فلا أرى له أن يخرجه إلا أن يدفع إليه ما أنفق ، وإلا لم يكن ذلك له حتى يستكمل ما يرى الناس أنه يسكن مثله في قدر ما عمر . وأما إذا كان قد سكت الزمان فيما يظن أن مثله قد يبنى على أن يسكنه فأرى له أن يخرجه ويعطيه قيمة نقضه إن أحب ، وإن لم يكن لرب الأرض حاجة لنقضه ، قيل للآخر : اقلع نقضك ولا قيمة لك على رب الأرض . وهذا قول  مالك  ، وإن كان ضرب له أجلا فبنى وغرس ، فلما مضى الأجل أردت إخراجه . 
قال : قال  مالك   : يخرجه ويدفع قيمة نقضه إن أحب رب الأرض ، وإن أبى قيل للذي بنى وغرس : اقلع نقضك وغراسك ولا شيء لك غير ذلك ، وليس له أن يخرجه قبل مضي الوقت إذا بنى وغرس . 
قال  أبو بكر   : وزعم ابن الحسن  أنه إذا أعاره أرضا فزرعها فلما تقارب حصاده أراد أن يخرجه . قال : أما الزرع فإني أستحسن فيه إذا زرعها أن لا يأخذ رب الأرض الأرض حتى يحصد الزرع ، فإذا  [ ص: 362 ] حصده أخذ رب الأرض أرضه . 
قال  أبو بكر   : وهذا تفريق بين الزرع والنخل والبناء بغير حجة ، وليس بين هذا وبين المسائل الأولى التي ذكرناها عنهم فرق ، إذا أعاره على أن يبني ويغرس فله إخراجه منه متى شاء لا فرق بين أن يوقت فيه وقتا أو لا يوقت  ، ولا فرق بين الوقت القريب منه والزمان الطويل ، ولا نعلم مع من فرق بين الغرس والبناء وبين الزرع حجة ، ولا حجة أيضا مع من أوجب عليه إذا وقت له وقتا القيمة ، وأسقط عنه إذا لم يوقت له وقتا ، ولا حجة أيضا مع من أوجب له القيمة في الحالين جميعا . 
وإلزام المعير قيمة العمارة أو الغراس في هذه الأحوال غير جائز إلا بحجة ، ولا حجة نعلمها مع من أوجب شيئا من ذلك في مال المعير . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					