ذكر عارية الدواب 
واختلفوا في الرجل يستعير الدابة من الرجل فيقضي حاجته ، ثم يردها ولم يلق صاحبها فربطها في معلف صاحبها   . 
فقالت طائفة : يضمن ، لأن الواجب عليه ردها إلى صاحبها . هذا مذهب  الشافعي  ، وبه قال بعض أصحابنا : [و] كذلك نقول . 
وقال ابن [الحسن]   : القياس أن يضمن ، ولكن أستحسن أن لا أضمنه .  [ ص: 363 ] 
قال  أبو بكر   : القياس عنده حق ، وقد ترك الحق على لسانه وقضى بغير الحق . 
وإذا استعار الرجل من رجل دابة ليركبها إلى مكة  فتعدى بها إلى الطائف  ، فعطبت بالطائف أو بعدما ردها إلى مكة  ، فهو لها ضامن ، لا يخرج من الضمان إلا بوصولها إلى مالكها سالمة ، وعليه الكراء من حيث تعدى بها مع الضمان . هذا قول  الشافعي   . وقال أصحاب الرأي : إنه ضامن كما قال  الشافعي  من جهة تعديه ، ولم يوجبوا عليه كراء من حيث تعدى ولا يبرأ عندهم برجوع الدابة إلى الموضع الذي (أقرر) له في الركوب إليه حتى يردها إلى صاحبها . 
قال  أبو بكر   : كما قال  الشافعي  أقول . 
وإذا استعار دابة على أن يحمل عليها عشرة أمداد قمح ، فحمل عليها أحد عشر مدا فتلفت  ، ففيها أقاويل محمد  أحدها : أنه ضامن لجزء من أحد عشر جزءا من قيمة الدابة ، هذا قول أصحاب الرأي ثم قالوا : إذا أمر رجل رجلا أن يضرب عبده عشرة أسواط فضربه أحد عشر سوطا ، فمات . أن عليه ما نقصه ذلك السوط الأخير ونصف (قيمته) مضروبا ، لأن الضرب جراحة ، ألا ترى أن رجلا لو جرح رجلا جرحا صغيرا ، [و] آخر جرحه جرحا كبيرا فمات من ذلك ، أن الدية بينهما نصفان .  [ ص: 364 ] 
وفيه قول ثان : وهو أن عليه قيمتها تامة . هذا قول  ابن أبي ليلى   . 
وقال  الشافعي  كذلك ، قال : وعليه الكراء . وقال  مالك   : ينظر فيما حمل على الدابة من الزيادة ، فإن كان الذي زاد عليه الرطلين أو الثلاثة أو ما أشبه ذلك مما لا تعطب في مثله ، كان له كراء تلك الزيادة إن أحب ولا ضمان على (المكاري) في البعير إن عطب ، وإن كان في مثل ما زاد عليه ما يعطب في مثله ، كان صاحب البعير مخيرا ، فإن أحب فله قيمة بعيره يوم تعدى عليه ، وإن أحب فله كراء ما زاد على بعيره مع الكراء الأول ولا شيء له من القيمة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					