وقول [ هذا الرافضي ] [1]  . " وإباحة النبيذ مع مشاركته الخمر في  [ ص: 425 ] الإسكار   " احتجاج منه على  أبي حنيفة  بالقياس ، فإن كان القياس حقا بطل إنكاره [2]  . وإن كان باطلا بطلت هذه الحجة . 
ولو احتج عليه بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " كل مسكر خمر ، وكل خمر [3]  . حرام  " [4] لكان أجود . 
وأما الوضوء بالنبيذ  ، فجمهور العلماء ينكرونه . وعن  أبي حنيفة  فيه روايتان أيضا . وإنما أخذ ذلك لحديث لحديث : [5]  . روي في هذا هذا : [6]  . الباب : حديث  ابن مسعود  م : [7]  . وفيه : " تمرة [8]  . طيبة وماء طهور  " . والجمهور منهم من يضعف [9]  . هذا الحديث [10]  . ، ويقولون : إن كان صحيحا فهو منسوخ  [ ص: 426 ] بآية الوضوء وآية تحريم الخمر ، مع أنه قد يكون لم يصر نبيذا ، وإنما كان الماء [11]  . باقيا لم يتغير ، أو تغير تغيرا يسيرا أو تغيرا كثيرا ، مع كونه ماء على قول من يجوز الوضوء بالماء المضاف ، كماء الباقلاء وماء الحمص ونحوهما ، وهو مذهب  أبي حنيفة   وأحمد  في أكثر [12]  . الروايات عنه ، وهو أقوى في الحجة من القول الآخر ; لأن قوله [13]  . ( فلم تجدوا ماء   ) [ سورة النساء : 43 ] [14]  . نكرة [15]  . في سياق النفي ، فيعم ما تغير بإلقاء هذه الطاهرات [16]  . فيه ، كما يعم ما تغير بأصل خلقته ، أو بما لا يمكن صونه عنه [17] ، إذ شمول اللفظ لهما سواء كما يجوز التوضؤ بماء البحر . 
وقد [18]  . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قيل له أنتوضأ من ماء البحر ؟ [ فإنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا . فقال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ] [19]  " وهو الطهور ماؤه الحل ميتته  " . قال  الترمذي   : حديث صحيح [20] ، فماء البحر طهور ، مع  [ ص: 427 ] كونه في غاية الملوحة والمرارة والزهومة [21]  . فالمتغير بالطاهرات أحسن حالا منه ، لكن ذاك تغير أصلي وهذا طارئ . 
وهذا الفرق لا يعود إلى اسم الماء ، ومن اعتبره جعل مقتضى القياس أنه لا يتوضأ بماء البحر ونحوه ، ولكن أبيح ; لأنه لا يمكن صونه عن المغيرات [22]  . والأصل ثبوت الأحكام على وفق القياس لا على خلافه ، فإن كان هذا داخلا في اللفظ دخل الآخر [23] ، وإلا فلا . وهذه دلالة لفظية لا قياسية ، حتى يعتبر فيها المشقة وعدمها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					