[ ص: 521 ] ( فصل ) [1]
قال الرافضي [2] : " وخالف أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - [3] في توريث بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومنعها فدكا [4] ، وتسمى بخليفة [5] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير أن يستخلفه " .
والجواب : أما الميراث فجميع المسلمين مع أبي بكر في ذلك ، ما خلا بعض الشيعة ، وقد تقدم الكلام في ذلك ، وبينا أن هذا من العلم الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأن قول الرافضة باطل قطعا .
وكذلك ما ذكر من فدك ، والخلفاء بعد أبي بكر على هذا القول ، وأبو بكر وعمر لم يتعلقا من فدك ولا غيرها من العقار بشيء ولا أعطيا أهلهما من ذلك شيئا ، وقد أعطيا بني هاشم أضعاف أضعاف ذلك .
ثم لو احتج محتج بأن عليا كان يمنع المال ابن عباس وغيره من بني هاشم ، حتى أخذ ابن عباس بعض مال البصرة وذهب له ، لم يكن الجواب عن علي إلا بأنه إمام عادل قاصد للحق ، لا يتهم في ذلك .
وهذا الجواب هو في حق أبي بكر بطريق الأولى والأحرى ، وأبو بكر [ ص: 522 ] أعظم محبة لفاطمة ومراعاة لها من علي لابن عباس ، وابن عباس بعلي أشبه من فاطمة بأبي بكر ; فإن فضل أبي بكر على فاطمة أعظم من فضل علي على ابن عباس .
وليس تبرئة [6] الإنسان لفاطمة من الظن والهوى بأولى من تبرئة [7] أبي بكر ; فإن أبا بكر إمام لا يتصرف لنفسه ، بل للمسلمين ، والمال لم يأخذه لنفسه ، بل للمسلمين ، وفاطمة تطلب لنفسها ، وبالضرورة نعلم [8] أن بعد الحاكم عن اتباع الهوى أعظم من بعد الخصم الطالب لنفسه ; فإن علم أبي بكر وغيره بمثل [9] هذه القضية لكثرة مباشرتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - أعظم من علم فاطمة .
وإذا كان أبو بكر أولى بعلم مثل [10] ذلك ، وأولى بالعدل ، فمن جعل فاطمة أعلم [11] منه في ذلك وأعدل ، كان من أجهل الناس ، لا سيما وجميع المسلمين الذين لا غرض لهم هم [12] مع أبي بكر في هذه المسألة ، فجميع أئمة الفقهاء عندهم أن الأنبياء لا يورثون مالا ، وكلهم يحب فاطمة ويعظم قدرها - رضي الله عنها - ، لكن لا يترك ما علموه من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لقول أحد من الناس ، ولم يأمرهم الله ورسوله أن يأخذوا دينهم من غير محمد - صلى الله عليه وسلم - : لا عن أقاربه ، ولا عن غير أقاربه ، وإنما أمرهم الله بطاعة الرسول واتباعه .


