فصل 
قال الرافضي [1]  : " البرهان السادس والثلاثون : قوله تعالى : ( واركعوا مع الراكعين   ) [ سورة البقرة : 43 ] من طريق أبي نعيم  عن  ابن عباس   - رضي الله عنهما [2]  - : أنها نزلت في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  وعلي  خاصة [3] ، وهما أول من صلى وركع . وهذا [4] يدل على فضيلته [5] فيدل على إمامته " . 
 [ ص: 272 ] الجواب من وجوه : أحدها : أنا لا نسلم صحة هذا ، ولم يذكر دليلا على صحته . 
الثاني : أن هذا كذب موضوع باتفاق أهل العلم والحديث . 
الثالث : أن هذه الآية في سورة البقرة ، وهي مدنية باتفاق المسلمين ، وهي في سياق مخاطبة لبني إسرائيل  ، وسواء كان الخطاب لهم [6] ، أو لهم وللمؤمنين  [7] ، فهو خطاب أنزل بعد الهجرة ، وبعد أن كثر المصلون والراكعون ، ولم تنزل في أول الإسلام حتى يقال : إنها مختصة بأول من صلى وركع . 
الرابع : أن قوله : ( مع الراكعين   ) صيغة جمع ، ولو أريد النبي - صلى الله عليه وسلم -  وعلي   ; لقيل مع الراكعين ، بالتثنية . وصيغة الجمع لا يراد بها اثنان فقط باتفاق الناس ، بل إما الثلاثة فصاعدا ، وإما الاثنان فصاعدا ، وأما إرادة اثنين فقط فخلاف الإجماع . 
الخامس : أنه قال لمريم   : ( اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين   ) [ سورة آل عمران : 43 ] ومريم  كانت قبل الإسلام ، [8] فعلم أنه كان راكعون قبل الإسلام [9] ، فليس فيهم  علي  ، فكيف لا يكون راكعون في أول الإسلام ليس فيهم  علي  وصيغة الاثنين واحدة ؟ . 
 [ ص: 273 ] السادس : أن الآية مطلقة لا تخص شخصا بعينه ، بل أمر الرجل المؤمن أن يصلي مع المصلين . وقيل : المراد به الصلاة في الجماعة [10]  ; لأن الركعة لا تدرك إلا بإدراك الركوع . 
السابع : أنه لو كان المراد الركوع [11] معهما لا نقطع حكمها بموتهما [12] ، فلا يكون أحد مأمورا أن يركع مع الراكعين . 
الثامن : أن قول القائل : [  علي   ] [13] أول من صلى مع النبي  [14]  - صلى الله عليه وسلم - ممنوع . بل أكثر الناس على خلاف ذلك ، وإن  أبا بكر  صلى قبله [15]  . 
التاسع : أنه لو كان أمرا بالركوع معه ، لم يدل ذلك على أن من ركع معه يكون هو الإمام ، فإن  عليا  لم يكن إماما مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يركع معه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					