فصل المشاهدة  
قال صاحب المنازل :  
(  باب المشاهدة      ) قال الله تعالى :  إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد      .  
قلت : جعل الله سبحانه كلامه ذكرى ، لا ينتفع بها إلا من جمع هذه الأمور الثلاثة .  
أحدها : أن يكون له قلب حي واع ، فإذا فقد هذا القلب لم ينتفع بالذكرى ،  
الثاني : أن يصغي بسمعه كله نحو المخاطب ، فإن لم يفعل لم ينتفع بكلامه ،  
الثالث : أن يحضر قلبه وذهنه عند المكلم له ، وهو الشهيد ؛ أي : الحاضر غير الغائب ، فإن غاب قلبه وسافر في موضع آخر : لم ينتفع بالخطاب .  
وهذا كما أن المبصر لا يدرك حقيقة المرئي إلا إذا كانت له قوة مبصرة ، وحدق بها نحو المرئي ، ولم يكن قلبه مشغولا بغير ذلك ، فإن فقد القوة المبصرة ، أو لم      [ ص: 219 ] يحدق نحو المرئي ، أو حدق نحوه ولكن قلبه كله في موضع آخر لم يدركه ، فكثيرا ما يمر بك إنسان أو غيره ، وقلبك مشغول بغيره ، فلا تشعر بمروره ، فهذا الشأن يستدعي صحة القلب وحضوره ، وكمال الإصغاء .
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					