( فصل ) : 
وأما الشرائط فأنواع : بعضها يرجع إلى السارق ، وبعضها يرجع إلى المسروق ، وبعضها يرجع إلى المسروق منه [ ص: 67 ] وبعضها يرجع إلى المسروق فيه ، وهو المكان أما ما يرجع إلى السارق    : فأهلية وجوب القطع وهي : العقل ، والبلوغ فلا يقطع الصبي ، والمجنون ; لما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال {   : رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ   } أخبر عليه الصلاة والسلام أن القلم مرفوع عنهما . 
وفي إيجاب القطع إجراء القلم عليهما ، وهذا خلاف النص ; ولأن القطع عقوبة فيستدعي جناية ، وفعلهما لا يوصف بالجنايات ; ولهذا لم يجب عليهما سائر الحدود كذا هذا ، ويضمنان السرقة ; لأن الجناية ليست بشرط لوجوب ضمان المال ، وإن كان السارق يجن مدة ، ويفيق أخرى  فإن سرق في حال جنونه لم يقطع ، وإن سرق في حال الإفاقة ; يقطع ولو سرق جماعة فيهم صبي ، أو مجنون  يدرأ عنهم القطع في قول  أبي حنيفة   وزفر    - رحمهما الله - وقال  أبو يوسف    - رحمه الله - : " إن كان الصبي ، والمجنون هو الذي تولى إخراج المتاع درئ عنهم جميعا ، وإن كان وليه غيرهما ; قطعوا جميعا إلا الصبي والمجنون " . 
( وجه ) قوله : أن الإخراج من الحرز هو الأصل في السرقة ، والإعانة كالتابع فإذا وليه الصبي ، أو المجنون ; فقد أتى بالأصل ، فإذا لم يجب القطع بالأصل كيف يجب بالتابع ؟ فإذا وليه بالغ عاقل ; فقد حصل الأصل منه ، فسقوطه عن التبع لا يوجب سقوطه عن الأصل . 
( وجه ) قول  أبي حنيفة   وزفر    - رحمهما الله - أن السرقة واحدة ، وقد حصلت ممن يجب عليه القطع ، وممن لا يجب عليه القطع فلا يجب القطع على أحد كالعامد مع الخاطئ إذا اشتركا في القطع ، أو في القتل ، وقوله الإخراج أصل في السرقة مسلم ، لكنه حصل من الكل معنى ; لاتحاد الكل في معنى التعاون على ما بينا فيما تقدم ، فكان إخراج غير الصبي ، والمجنون كإخراج الصبي والمجنون ضرورة الاتحاد . 
على هذا الخلاف إذا كان فيهم ذو رحم محرم ; لأنه المسروق منه أنه لا قطع على أحد عند  أبي حنيفة  ، وعند  أبي يوسف    " يدرأ عن ذي الرحم المحرم ، ويجب على الأجنبي " ، ولا خلاف في أنه إذا كان فيهم شريك المسروق منه  أنه لا قطع على أحد ، فأما الذكورة فليست بشرط لثبوت الأهلية فتقطع الأنثى ; لقوله تعالى عز شأنه {    : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما    } ، وكذلك الحرية فيقطع العبد ، والأمة ، والمدبر ، والمكاتب ، وأم الولد ; لعموم الآية الشريفة ، ويستوي الآبق وغيره ; لما قلنا ، وذكر في الموطأ أن عبدا  لعبد الله ابن سيدنا عمر  رضي الله عنهما سرق - وهو آبق - فبعث به  عبد الله  إلى  سعيد بن العاص  رضي الله عنه ليقطع يده فأبى  سعيد  أن يقطع يده وقال : " لا نقطع يد الآبق إذا سرق " فقال  عبد الله    : في أيما كتاب الله عز شأنه وجدت هذا : أن العبد الآبق إذا سرق لا تقطع يده ، فأمر به  عبد الله  رضي الله عنه فقطعت يده ; ولأن الذكورة ، والحرية ليست من شرائط سائر الحدود ، فكذا هذا الحد ، وكذا الإسلام ليس بشرط فيقطع المسلم ، والكافر لعموم آية السرقة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					