[ ص: 80 ] فصل في حكمه صلى الله عليه وسلم في الوفاء بالعهد لعدوه وفي رسلهم  ، أن لا يقتلوا ولا يحبسوا ، وفي النبذ إلى من عاهده على سواء إذا خاف منه نقض العهد 
ثبت عنه أنه قال لرسولي مسيلمة الكذاب  لما قالا : نقول إنه رسول الله : ( لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما  ) . 
وثبت عنه أنه ( قال لأبي رافع  ، وقد أرسلته إليه قريش  ، فأراد المقام عنده ، وأنه لا يرجع إليهم ، فقال : إني لا أخيس بالعهد ، ولا أحبس البرد ، ولكن ارجع إلى قومك ، فإن كان في نفسك الذي فيها الآن فارجع  ) . 
وثبت عنه أنه ( رد إليهم أبا جندل  للعهد الذي كان بينه وبينهم أن يرد إليهم من جاءه منهم مسلما  ) ولم يرد النساء ، وجاءت سبيعة الأسلمية  مسلمة ، فخرج زوجها في طلبها فأنزل الله عز وجل : ( ياأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار   ) الآية [ الممتحنة : 10 ] ، فاستحلفها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يخرجها إلا الرغبة في الإسلام ، وأنها لم تخرج لحدث أحدثته في قومها ، ولا بغضا لزوجها ، فحلفت ، فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها مهرها ، ولم يردها عليه . فهذا حكمه الموافق لحكم الله ، ولم يجئ شيء ينسخه البتة . ومن زعم أنه منسوخ ، فليس  [ ص: 81 ] بيده إلا الدعوى المجردة ، وقد تقدم بيان ذلك في قصة الحديبية . 
وقال تعالى : ( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين   ) [ الأنفال : 58 ] . 
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدا ، ولا يشدنه حتى يمضي أمده ، أو ينبذ إليهم على سواء  ) ، قال  الترمذي   : حديث حسن صحيح . 
( ولما أسرت قريش   حذيفة بن اليمان  وأباه أطلقوهما ، وعاهدوهما أن لا يقاتلاهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا خارجين إلى بدر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انصرفا ، نفي لهم بعهدهم ، ونستعين الله عليهم  ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					