فصل : في بيان النجاسات وهي إما حيوان ، أو جماد ، أما الحيوان فقد تقدم ذكره وما تحلل من ظاهره مثل ريقه ودمعه وعرقه فهو مثله ، وأما روث غير المأكول وبوله  فهو نجس بكل حال ، إلا ما لا نفس له سائلة ، فإن روثه وبوله وجميع رطوباته طاهرة ، وكذلك لبن غير المأكول  كالحمر لا يجوز شربه للتداوي ولا غيره ، سواء قلنا بطهارة ظاهرة أو لا ، إلا لبن الآدمي فإنه طاهر . 
وأما الشعر : فحكمه حكم ميتته في ظاهر المذهب ، وعنه أنه طاهر مطلقا ، والقيء نجس لأن النبي صلى الله عليه وسلم " قاء فتوضأ " وسواء أريد   [ ص: 109 ] غسل يده أو الوضوء الشرعي لأنه لا يكون إلا عن نجاسة . 
فأما بلغم المعدة فطاهر في أقوى الروايتين ، كبلغم الرأس وفي الأخرى هو نجس كالقيء والبيض واللبن في أحد الوجهين ، وفي الآخر كالولد . 
وأما المني فكاللبن مطلقا . وأما الجماد فالميتة ، وقد ذكرها في الآنية ، والدم كله نجس ، وكذلك المدة ، والقيح ، والصديد ، وماء القروح المتغير على ما ذكرناه من العفو عن يسيره ، إلا الدماء المأكولة كالكبد ، والطحال ، وما بقي على اللحم بعد السفح  ، ودم السمك رواية واحدة . وإلا الدماء التي ليست سائلة كدم الذباب ، والبق ، والبراغيث في أقوى الروايتين ، إلا دم الشهيد ما دام عليه لأن الشارع أمر بإبقائه عليه مع كثرته فلو حمله مصل لم تبطل صلاته . 
وإلا العلقة  في وجه كالطحال والمني ، والصحيح أنها نجسة . وسواء استحالت عن مني أو عن بيض ، والمائعات المسكرة كلها نجسة لأن الله سماها رجسا ، والرجس هو القذر والنجس الذي يجب اجتنابه وأمر باجتنابها مطلقا وهو يعم الشرب والمس وغير ذلك ، وأمر بإراقتها ولعن النبي صلى الله عليه وسلم عينها فهي كالدم وأولى لامتيازها عليه بالحد وغيره . 
 [ ص: 110 ] ولا يجوز القصد إلى تخليلها فإن خللت لم تطهر في المنصوص المشهور ، لما روى  أنس  أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الخمر تتخذ خلا  قال : " لا "   . رواه مسلم  وغيره . 
وعنه أيضا أن أبا طلحة  سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا فقال : " أهرقها " قال : أفلا نجعلها خلا قال : " لا "   .رواه أحمد   وأبو داود  ، وقيل عنه تطهر ، وقيل بنقلها من مكان إلى مكان دون إلقاء شيء فيها ، فأما إن ابتدأ الله قلبها طهرت وإن أمسكها كذلك ، سواء ليتخذ العصير للخل أو للخمر في المشهور ، وقيل : إن اتخذه للخمر ثم أمسكه حتى تخلل لم تطهر والأول أصح لقول عمر    : " لا تأكل خلا من خمر أفسدت حتى يبدأ الله بفسادها ، وذلك حين طاب الخل ، ولا بأس على امرئ أصاب خلا من أهل الكتاب أن يبتاعه ما لم يعلم أنهم تعمدوا إفسادها " . رواه سعيد    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					