( 449 ) مسألة : قال : ( فمن أطبق بها الدم فكانت ممن تميز ، فتعلم إقباله  بأنه أسود ثخين منتن ، وإدباره رقيق أحمر ، تركت الصلاة في إقباله ، فإذا أدبر ، اغتسلت ، وتوضأت لكل صلاة وصلت ) قوله : " طبق بها الدم " . يعني امتد وتجاوز أكثر الحيض ، فهذه مستحاضة ، قد اختلط حيضها باستحاضتها ، فتحتاج إلى معرفة الحيض من الاستحاضة لترتب على كل واحد منهما حكمه ، ولا تخلو من أربعة أحوال : مميزة لا عادة لها ، ومعتادة لا تمييز لها ، ومن لها عادة وتمييز ، ومن لا عادة لها ولا تمييز . 
أما المميزة : فهي التي ذكرها  الخرقي  في هذه المسألة ، وهي التي لدمها إقبال وإدبار ، بعضه أسود ثخين منتن ، وبعضه أحمر مشرق ، أو أصفر ، أو لا رائحة له ، ويكون الدم الأسود أو الثخين لا يزيد على أكثر الحيض ، ولا ينقص عن أقله ، فحكم هذه أن حيضها زمان الدم الأسود أو الثخين أو المنتن ، فإن انقطع فهي مستحاضة ، تغتسل للحيض ، وتتوضأ بعد ذلك لكل صلاة ، وتصلي ، وذكر  أحمد  المستحاضة فقال : لها سنن ، وذكر المعتادة ، ثم قال : وسنة أخرى ، إذا جاءت فزعمت أنها تستحاض فلا تطهر ، قيل لها : أنت الآن ليس لك أيام معلومة فتجلسينها ، ولكن انظري إلى إقبال الدم وإدباره ، فإذا أقبلت الحيضة - وإقبالها أن ترى دما أسود يعرف - فإذا تغير دمها وكان إلى الصفرة والرقة ، فذلك دم  [ ص: 191 ] استحاضة ، فاغتسلي ، وصلي . 
وبهذا قال  مالك   والشافعي  وقال  أبو حنيفة    : لا اعتبار بالتمييز ، إنما الاعتبار بالعادة خاصة ; لما روت  أم سلمة  ، { أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لتنظر عدة الأيام والليالي التي كانت تحيضهن قبل أن يصيبها الذي أصابها ، فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر ، فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ، ثم لتستثفر بثوب ثم لتصل   } . رواه أبو داود  ،  والنسائي  ،  وابن ماجه    . وهو أحد الأحاديث الثلاثة التي قال الإمام  أحمد    : إن الحيض يدور عليها . 
ولنا ما روت  عائشة  ، قالت : { جاءت فاطمة بنت أبي حبيش  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إني أستحاض ، فلا أطهر ، أفأدع الصلاة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما ذلك عرق ، وليس بالحيضة ، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة ، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ، وصلي   } . متفق عليه .  وللنسائي  وأبي داود    : { إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف ، فأمسكي عن الصلاة ، فإذا كان الآخر فتوضئي فإنما هو عرق   } . وقال  ابن عباس    : أما ما رأت الدم البحراني فإنها تدع الصلاة . وقال : إنها والله لن ترى الدم الذي هو الدم بعد أيام محيضها إلا كغسالة ماء اللحم . وحديث  أم سلمة  إنما يدل على اعتبار العادة ، ولا نزاع فيه . وحديث  فاطمة  هو أحد الثلاثة التي يدور عليها الحيض . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					