( 5350 ) مسألة : قال : ( ولبن الفحل محرم ) معناه أن المرأة إذا أرضعت طفلا بلبن ثاب من وطء رجل حرم الطفل على الرجل وأقاربه ، كما يحرم ولده من النسب ; لأن اللبن من الرجل كما هو من المرأة ، فيصير الطفل ولدا للرجل ، والرجل أباه ، وأولاد الرجل إخوته ، سواء كانوا من تلك المرأة أو من غيرها ، وإخوة الرجل وأخواته أعمام الطفل وعماته ، وآباؤه وأمهاته أجداده وجداته . قال  أحمد  لبن الفحل  أن يكون للرجل امرأتان ، فترضع هذه صبية وهذه صبيا لا يزوج هذا من هذا وسئل  ابن عباس  عن رجل له جاريتان ، أرضعت إحداهما جارية والأخرى غلاما ، فقال : لا ، اللقاح واحد . قال الترمذي    : هذا تفسير لبن الفحل . وممن قال بتحريمه  علي  ،  وابن عباس  ،  وعطاء  ،  وطاوس  ،  ومجاهد  ، والحسن  ، والشعبي  ، والقاسم   وعروة  ،  ومالك  ،  والثوري  ، والأوزاعي  ،  والشافعي  ، وإسحاق  ،  وأبو عبيد  ،  وأبو ثور  ،  وابن المنذر  وأصحاب الرأي . 
قال  ابن عبد البر    : وإليه ذهب فقهاء الأمصار بالحجاز  والعراق  والشام  وجماعة أهل الحديث ، ورخص في لبن الفحل  سعيد بن المسيب  ،  وأبو سلمة بن عبد الرحمن  ،  وسليمان بن يسار   وعطاء بن يسار   والنخعي  ،  وأبو قلابة  
ويروى ذلك عن  ابن الزبير  وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مسمين ; لأن الرضاع من المرأة لا من الرجل . ويروى عن  زينب بنت أبي سلمة  أنها أرضعتها  أسماء بنت أبي بكر  ، امرأة  الزبير  قالت : وكان  الزبير  يدخل علي وأنا أمتشط ، فيأخذ بقرن من قرون رأسي ، فيقول : أقبلي علي فحدثيني . أراه والدا ، وما ولد فهم إخوتي ، ثم إن  عبد الله بن الزبير  أرسل إلي يخطب أم كلثوم  ابنتي ، على حمزة بن الزبير  وكان  حمزة  للكلبية ،  فقلت لرسوله : وهل تحل له وإنما هي ابنة أخته ؟ فقال  عبد الله    : إنما أردت بهذا المنع لما قبلك ، أما ما ولدت  أسماء  فهم إخوتك ، وما كان من غير  أسماء  فليسوا لك بإخوة ، فأرسلي فسلي عن هذا ، فأرسلت فسألت وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون ، فقالوا لها : إن الرضاعة من قبل الرجل لا تحرم شيئا فأنكحتها  [ ص: 88 ] إياه ، فلم تزل عنده حتى هلك عنها . ولنا 
ما روت  عائشة  رضي الله عنها { أن أفلح  أخا أبي القعيس  استأذن علي بعدما أنزل الحجاب ، فقلت : والله لا آذن له حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أخا أبي القعيس  ليس هو أرضعني ، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس  ، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إن الرجل ليس هو أرضعني ، ولكن أرضعتني امرأته فقال ائذني له ، فإنه عمك ، تربت يمينك قال عروة    : فبذلك كانت عائشة  تأخذ بقول : حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب   } متفق عليه . وهذا نص قاطع في محل النزاع ، فلا يعول على ما خالفه . 
فأما حديث زينب  فإن صح فهو حجة لنا ، فإن  الزبير  كان يعتقدها ابنته وتعتقده أباها ، والظاهر أن هذا كان مشهورا عندهم ، وقوله مع إقرار أهل عصره أولى من قول ابنه وقول قوم لا يعرفون . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					