( 5612 ) مسألة ; قال : ( ولو مات أحدهما قبل الإصابة ، وقبل الفرض ، ورثه صاحبه ، وكان لها مهر نسائها ) أما الميراث فلا خلاف فيه ; فإن الله تعالى فرض لكل واحد من الزوجين فرضا وعقد الزوجية هاهنا صحيح ثابت ، فيورث به ; لدخوله في عموم النص . وأما الصداق ، فإنه يكمل لها مهر نسائها ، في الصحيح من المذهب . وإليه ذهب  ابن مسعود  ،  وابن شبرمة  ،  وابن أبي ليلى  ،  والثوري  ، وإسحاق    . وروي عن  علي  ،  وابن عباس  ،  وابن عمر  ، والزهري  ،  وربيعة  ،  ومالك  ، والأوزاعي    : لا مهر لها ; لأنها فرقة وردت على تفويض صحيح قبل فرض ومسيس ، فلم يجب بها مهر كفرقة الطلاق . 
وقال  أبو حنيفة  كقولنا في المسلمة وكقولهم في الذمية . وعن  أحمد  رواية أخرى ، لا يكمل ، ويتنصف  وللشافعي  قولان ، كالروايتين . ولنا : ما روي { أن  عبد الله بن مسعود  رضي الله عنه . قضى لامرأة لم يفرض لها زوجها صداقا ، ولم يدخل بها حتى مات ،  فقال : لها صداق نسائها ، لا وكس ولا شطط ، وعليها العدة ولها الميراث . فقام معقل بن سنان الأشجعي  ، فقال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع ابنة واشق  مثل ما قضيت .   } قال الترمذي    : هذا حديث صحيح . 
وهو نص في محل النزاع ، ولأن الموت معنى يكمل به المسمى ، فكمل به مهر المثل للمفوضة ، كالدخول . وقياس الموت على الطلاق غير صحيح فإن الموت يتم به النكاح فيكمل به الصداق ، والطلاق يقطعه ويزيله قبل إتمامه ، ولذلك وجبت العدة بالموت قبل الدخول ، ولم تجب بالطلاق وكمل المسمى بالموت ، ولم يكمل بالطلاق ، وأما الذمية فإنها مفارقة بالموت ، فكمل لها الصداق كالمسلمة ، أو كما لو سمى لها ولأن المسلمة والذمية لا يختلفان في الصداق في موضع ، فيجب أن لا يختلفا هاهنا . ( 5613 ) فصل : قوله : " مهر نسائها " . يعني مهر مثلها من أقاربها . وقال  مالك  تعتبر بمن هي في مثل كمالها ومالها وشرفها ، ولا يختص بأقربائها ; لأن الأعواض إنما تختلف بذلك دون الأقارب . 
ولنا قوله في حديث  ابن مسعود    : لها مهر نسائها . ونساؤها أقاربها . وما ذكره فنحن نشترطه ، ونشترط معه أن تكون من نساء أقاربها ; لأنها أقرب إليهن . وقوله : لا يختلف ذلك باختلاف الأقارب . لا يصح ; فإن المرأة تطلب لحسبها ، كما جاء في الأثر ، وحسبها يختص به أقاربها ، فيزداد المهر لذلك ويقل ، وقد يكون الحي وأهل القرية لهم عادة في الصداق ، ورسم مقرر ، لا يشاركهم فيه غيرهم ، ولا يغيرونه بتغير الصفات ، فيكون الاعتبار بذلك دون سائر الصفات . 
واختلفت الرواية عن  أحمد  ، في من يعتبر من أقاربها ، فقال في رواية  حنبل    : لها مهر مثلها من نسائها من قبل أبيها . فاعتبرها بنساء العصبات خاصة . وهذا مذهب  الشافعي    . وقال في رواية إسحاق بن هانئ    : لها مهر نسائها ، مثل أمها أو أختها أو عمتها أو بنت عمها . اختاره أبو بكر    . وهو مذهب  أبي حنيفة  ،  وابن أبي ليلى    ;  [ ص: 190 ] لأنهن من نسائها . 
والأولى أولى ; فإنه قد روي في قصة بروع ،    { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق  بمثل مهر نساء قومها .   } ولأن شرف المرأة معتبر في مهرها ، وشرفها بنسبها ، وأمها وخالتها لا تساويانها في نسبها ، فلا تساويانها في شرفها ، وقد تكون أمها مولاة وهي شريفة ، وقد تكون أمها شريفة وهي غير شريفة . وينبغي أن يعتبر الأقرب فالأقرب ، فأقرب نساء عصباتها إليها أخواتها ، ثم عماتها ثم بنات عمها ، الأقرب فالأقرب . ويعتبر أن يكن في مثل حالها ; في دينها ، وعقلها ، وجمالها ، ويسارها وبكارتها وثيوبتها ، وصراحة نسبها ، وكل ما يختلف لأجله الصداق ، وأن يكن من أهل بلدها ; لأن عادات البلاد تختلف في المهر . 
وإنما اعتبرت هذه الصفات كلها ; لأن مهر المثل إنما هو بدل متلف فاعتبرت الصفات المقصودة فيه . فإن لم يكن في عصباتها من هو في مثل حالها ، فمن نساء أرحامها ، كأمها وجداتها وخالاتها وبناتهن ، فإن لم يكن ، فأهل بلدها ، فإن لم يكن فنساء أقرب البلدان إليها ، فإن لم يوجد إلا دونها ، زيد لها بقدر فضيلتها ، وإن لم يوجد إلا خير منها ، نقصت بقدر نقصها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					