( 7069 ) فصل : وإذا أظهر قوم رأي الخوارج  ، مثل تكفير من ارتكب كبيرة ، وترك الجماعة ، واستحلال دماء المسلمين وأموالهم ، إلا أنهم لم يخرجوا عن قبضة الإمام ، ولم يسفكوا الدم الحرام  ، فحكى  القاضي  عن أبي بكر  ، أنه لا يحل بذلك قتلهم ولا قتالهم . وهذا قول  أبي حنيفة  ،  والشافعي  ، وجمهور أهل الفقه . وروي ذلك عن  عمر بن عبد العزيز    . فعلى هذا ، حكمهم في ضمان النفس والمال حكم المسلمين . 
وإن سبوا الإمام أو غيره من أهل العدل ، عزروا ; لأنهم ارتكبوا محرما لا حد فيه . وإن عرضوا بالسب ، فهل يعزرون ؟ على وجهين . وقال  مالك  في الإباضية  ، وسائر أهل البدع : يستتابون ، فإن تابوا ، وإلا ضربت أعناقهم . قال  إسماعيل بن إسحاق    : رأى  مالك  قتل الخوارج  وأهل القدر  ،  [ ص: 8 ] من أجل الفساد الداخل في الدين ، كقطاع الطريق ، فإن تابوا ، وإلا قتلوا على إفسادهم ، لا على كفرهم . وأما من رأى تكفيرهم ، فمقتضى قوله ، أنهم يستتابون ، فإن تابوا ، وإلا قتلوا لكفرهم ، كما يقتل المرتد ، وحجتهم قول النبي صلى الله عليه وسلم : { فأينما لقيتموهم فاقتلوهم   } . 
وقوله عليه السلام : لئن أدركتهم ، لأقتلنهم قتل عاد    { وقوله صلى الله عليه وسلم في الذي أنكر عليه ، وقال : إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله . لأبي بكر    : اذهب فاقتله . ثم قال  لعمر  مثل ذلك ، فأمر بقتله قبل قتاله   } . وهو الذي قال : { يخرج من ضئضئ هذا قوم   } . يعني الخوارج    . وقول  عمر  لصبيغ    : لو وجدتك محلوقا ، لضربت الذي فيه عيناك بالسيف . يعني لقتلتك . وإنما يقتله لكونه من الخوارج    ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { سيماهم التسبيد   } . يعني حلق رءوسهم . 
واحتج الأولون بفعل  علي  رضي الله عنه فإنه روي عنه ، أنه كان يخطب يوما ، فقال رجل بباب المسجد : لا حكم إلا لله . فقال  علي    : كلمة حق أريد بها باطل . ثم قال : لكم علينا ثلاث ; لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله تعالى ، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا ، ولا نبدؤكم بقتال . وروى أبو يحيى  ، قال : صلى  علي  رضي الله عنه صلاة ، فناداه رجل من الخوارج    : { لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين    } . فأجابه  علي  رضي الله عنه : { فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون    } . 
وكتب  عدي بن أرطاة  إلى  عمر بن عبد العزيز    : إن الخوارج  يسبونك . فكتب إليه : إن سبوني فسبوهم ، أو اعفوا عنهم ، وإن شهروا السلاح فاشهروا عليهم ، وإن ضربوا فاضربوا . ولأن { النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرض للمنافقين الذين معه في المدينة    } ، فلأن لا يتعرض لغيرهم أولى . وقد روي في خبر الخارجي  الذي أنكر عليه { ، أن  خالدا  قال : يا رسول الله ، ألا أضرب عنقه ؟ قال : ، لعله يصلي . قال : رب مصل لا خير فيه . قال : إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس .   } 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					