( 7334 ) فصل : إذا اجتمعت الحدود ، لم تخل من ثلاثة أقسام    ; القسم الأول : أن تكون خالصة لله تعالى ،  فهي نوعان ; أحدهما : أن يكون فيها قتل ، مثل أن يسرق ، ويزني وهو محصن ، ويشرب الخمر ، ويقتل في المحاربة ، فهذا يقتل ، ويسقط سائرها . وهذا قول  ابن مسعود  ،  وعطاء  ، والشعبي  ،  والنخعي  ، والأوزاعي  ، وحماد  ،  ومالك  ،  وأبي حنيفة    . وقال  الشافعي    : يستوفى جميعها ; لأن ما وجب مع غير القتل ، وجب مع القتل ، كقطع اليد قصاصا . 
ولنا قول  ابن مسعود  ، قال سعيد  حدثنا حسان بن علي  ، حدثنا  مجالد  ، عن عامر   ، عن  مسروق  ، عن  عبد الله  ، قال : إذا اجتمع حدان ، أحدهما القتل ، أحاط القتل بذلك وقال  إبراهيم  يكفيه القتل . وقال : حدثنا  هشيم  ، أخبرنا  حجاج  ، عن  إبراهيم  ، والشعبي  ،  وعطاء  أنهم قالوا مثل ذلك وهذه أقوال انتشرت في عصر الصحابة والتابعين ، ولم يظهر لها مخالف ، فكانت إجماعا ; ولأنها حدود لله تعالى فيها قتل ، فسقط ما دونه ، كالمحارب إذا قتل وأخذ المال ، فإنه يكتفى بقتله ، ولا يقطع ; ولأن هذه الحدود تراد لمجرد الزجر ، ومع القتل لا حاجة إلى زجره ، ولا فائدة فيه ، فلا يشرع . ويفارق القصاص ; فإن فيه غرض التشفي والانتقام ، ولا يقصد منه مجرد الزجر ، إذا ثبت هذا فإنه إذا وجد ما يوجب الرجم والقتل للمحاربة ، أو القتل للردة ، أو لترك الصلاة ، فينبغي أن يقتل للمحاربة ، ويسقط الرجم ; لأن في القتل للمحاربة حق آدمي في القصاص ، وإنما أثرت المحاربة في تحريمه ، وحق الآدمي يجب تقديمه . 
النوع الثاني : أن لا يكون فيها قتل ، فإن جميعها يستوفى من غير خلاف نعلمه ، ويبدأ بالأخف فالأخف ، فإذا شرب وزنى وسرق ، حد للشرب أولا ، ثم حد للزنا ، ثم قطع للسرقة . وإن أخذ المال في المحاربة ، قطع لذلك ، ويدخل فيه القطع للسرقة ; ولأن محل القطعين واحد ، فتداخلا ، كالقتلين . وبهذا قال  الشافعي    . وقال  أبو حنيفة    : يتخير بين البداءة بحد الزنا وقطع السرقة ; لأن كل واحد منهما ثبت بنص القرآن ، ثم يحد للشرب . ولنا أن حد الشرب أخف ، فيقدم ، كحد القذف ، ولا نسلم أن حد الشرب غير منصوص عليه ، في السنة ، ومجمع على وجوبه ، وهذا التقديم على سبيل الاستحباب . ولو بدأ بغيره ، جاز ووقع الموقع . ولا يوالي بين هذه الحدود ; لأنه ربما أفضى إلى تلفه ، بل متى برئ من حد أقيم الذي يليه . 
				
						
						
