( 907 ) فصل : وإن نسي التشهد دون الجلوس له  ، فحكمه في الرجوع إليه حكم ما لو نسيه مع الجلوس ; لأن التشهد هو المقصود . فأما إن نسي شيئا من الأذكار الواجبة  ، كتسبيح الركوع والسجود ، وقول : رب اغفر لي بين السجدتين ، وقول : ربنا ولك الحمد . فإنه لا يرجع إليه بعد الخروج من محله ; لأن محل الذكر ركن قد وقع مجزئا صحيحا . فلو رجع إليه لكان زيادة في الصلاة ، وتكرارا لركن ، ثم يأتي بالذكر في ركوع أو سجود زائد غير مشروع ، بخلاف التشهد ، ولكنه يمضي ويسجد للسهو لتركه ، قياسا على ترك التشهد . 
الصورة الثانية : قام من السجدة الأولى ، ولم يجلس للفصل بين السجدتين  ، فهذا قد ترك ركنين ; جلسة الفصل ، والسجدة الثانية . فلا يخلو  [ ص: 381 ] من حالين : أحدهما ، أن يذكر قبل الشروع في القراءة ، فيلزمه الرجوع . وهذا قول  مالك   والشافعي  ولا أعلم فيه مخالفا ، فإذا رجع ، فإنه يجلس جلسة الفصل ، ثم يسجد السجدة الثانية ، ثم يقوم إلى الركعة الأخرى . وقال بعض أصحاب  الشافعي  لا يحتاج إلى الجلوس ; لأن الفصل قد حصل بالقيام . وليس بصحيح ; لأن الجلسة واجبة ، ولا ينوب عنها القيام كما لو عمد ذلك . 
فأما إن كان جلس للفصل ، ثم قام ولم يسجد فإنه يسجد ، ولا يلزمه الجلوس . وقيل : يلزمه ; ليأتي بالسجدة عن جلوس . ولا يصح ; لأنه أتى بالجلسة ، فلم تبطل بسهو بعدها كالسجدة الأولى ، ويصير كأنه سجد عقيب الجلوس . فإن كان يظن أنه سجد سجدتين ، وجلس جلسة الاستراحة ، لم يجزه عن جلسة الفصل ; لأنها هيئة ، فلا تنوب عن الواجب ، كما لو ترك سجدة من ركعة ، ثم سجد للتلاوة . وهكذا الحكم في ترك ركن غير السجود مثل الركوع ، أو الاعتدال عنه ; فإنه يرجع إليه متى ذكره ، قبل الشروع في قراءة الركعة الأخرى ، فيأتي به ، ثم بما بعده لأن ما أتى به بعده غير معتد به ; لفوات الترتيب . 
الحال الثاني   : ترك ركنا ; إما سجدة ، أو ركوعا ، ساهيا ، ثم ذكره بعد الشروع في قراءة الركعة التي تليها  ، بطلت الركعة التي ترك الركن منها ، وصارت التي شرع في قراءتها مكانها . نص على هذا  أحمد  في رواية الجماعة قال ،  الأثرم    : سألت  أبا عبد الله  عن رجل صلى ركعة ، ثم قام ليصلي أخرى ، فذكر أنه إنما سجد للركعة الأولى سجدة واحدة ؟ فقال : إن كان أول ما قام قبل أن يحدث عمله للأخرى ، فإنه ، ينحط ويسجد ، ويعتد بها . وإن كان أحدث عمله للأخرى ، ألغى الأولى ، وجعل هذه الأولى . قلت : يستفتح أو يجزئ الاستفتاح الأول ؟ قال : لا يستفتح ، ويجزئه الأول . قلت : فنسي سجدتين من ركعتين ؟ قال : لا يعتد بتينك الركعتين ، والاستفتاح ثابت . وهذا قول إسحاق    . 
وقال  الشافعي    : إذا ذكر الركن المتروك قبل السجود في الثانية ، فإنه يعود إلى السجدة الأولى . وإن ذكره بعد سجوده في الثانية وقعتا عن الأولى ، لأن الركعة الأولى قد صح فعلها ، وما فعله في الثانية - سهوا - لا يبطل الأولى ، كما لو ذكر قبل القراءة . وقد ذكر  أحمد  هذا القول عن  الشافعي  وقربه ، وقال : هو أشبه . يعني من قول أصحاب  أبي حنيفة    . إلا أنه اختار القول الذي حكاه عنه  الأثرم    . وقال  مالك    : إن ترك سجدة فذكرها قبل رفع رأسه من ركوع الثانية ، ألغى الأولى . وقال الحسن   والنخعي  ، والأوزاعي    : من نسي سجدة ، ثم ذكرها ، سجدها في الصلاة متى ما ذكرها . 
وقال الأوزاعي    : يرجع إلى حيث كان من الصلاة وقت ذكرها ، فيمضي فيها وقال أصحاب الرأي ، في من نسي أربع سجدات من أربع ركعات ، ثم ذكرها في التشهد    : سجد في الحال أربع سجدات ، وتمت صلاته . ولنا أن المزحوم في الجمعة ، إذا زال الزحام والإمام راكع في الثانية ، فإنه يتبعه ويسجد معه ، ويكون السجود من الثانية دون الأولى ، كذا هاهنا 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					