( 1206 ) مسألة : قال : ( وسترة الإمام سترة لمن خلفه ) . وجملته أنه يستحب للمصلي أن يصلي إلى سترة  ، فإن كان في مسجد أو بيت صلى إلى الحائط أو سارية ، وإن كان في فضاء صلى إلى شيء شاخص بين يديه ، أو نصب بين يديه حربة أو عصا ، أو عرض البعير فصلى إليه ، أو جعل رحله بين يديه . وسئل  أحمد    : يصلي الراحل إلى سترة في الحضر والسفر ؟ قال : نعم ، مثل آخرة الرحل . 
ولا نعلم في استحباب ذلك خلافا ، والأصل فيه { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان تركز له الحربة فيصلي إليها ، ويعرض البعير فيصلي إليه   } ، وروى أبو جحيفة    { ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ركزت له العنزة ، فتقدم وصلى الظهر ركعتين ، يمر بين يديه الحمار والكلب ، لا يمنع   } . متفق عليه . 
وعن  طلحة بن عبيد الله  ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {   : إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل ، فليصل ، ولا يبال من مر وراء ذلك   } . أخرجه  مسلم    . إذا ثبت هذا ، فإن سترة الإمام سترة لمن خلفه  نص على هذا  أحمد  ، وهو قول أكثر أهل العلم . كذلك قال  ابن المنذر    . وقال الترمذي  ، قال أهل العلم : سترة الإمام  [ ص: 37 ] سترة لمن خلفه . 
قال  أبو الزناد    : كل من أدركت من فقهاء المدينة  الذين ينتهى إلى قولهم ;  سعيد بن المسيب  ،  وعروة بن الزبير  ، والقاسم بن محمد  ، وأبو بكر بن عبد الرحمن  ،  وخارجة بن زيد  ،  وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة  ،  وسليمان بن يسار  ، وغيرهم ، يقولون : سترة الإمام سترة لمن خلفه . وروي ذلك عن  ابن عمر    . وبه قال  النخعي  ، والأوزاعي  ،  ومالك  ،  والشافعي  ، وغيرهم ; وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى سترة ، ولم يأمر أصحابه بنصب سترة أخرى . 
وفي حديث عن  ابن عباس  ، قال {   : أقبلت راكبا على حمار أتان ، والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى  إلى غير جدار ، فمررت بين يدي بعض أهل الصف ، فنزلت ، فأرسلت الأتان ترتع ، فدخلت في الصف ، فلم ينكر علي أحد   } . متفق عليه . 
ومعنى قولهم : سترة الإمام سترة لمن خلفه . أنه متى لم يحل بين الإمام وسترته شيء يقطع الصلاة ، فصلاة المأمومين صحيحة ، لا يضرها مرور شيء بين أيديهم في بعض الصف ، ولا فيما بينهم وبين الإمام ، وإن مر ما يقطع الصلاة بين الإمام وسترته قطع صلاته وصلاتهم ، وقد دل على هذا ما روى  عمرو بن شعيب  ، عن أبيه ، عن جده ، قال {   : هبطنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من ثنية أذاخر فحضرت الصلاة - يعني فصلى إلى جدر - فاتخذها قبلة ، ونحن خلفه ، فجاءت بهمة تمر بين يديه ، فما زال يدرؤها حتى لصق بطنه بالجدر ، فمرت من ورائه   } . رواه أبو داود    . 
فلولا أن سترته سترة لهم لم يكن بين مرورها بين يديه وخلفه فرق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					