740 - مسألة : ويجزئ في ذلك رقبة مؤمنة أو كافرة ، صغيرة ، أو كبيرة ، ذكر أو أنثى ، معيب أو سليم ; لعموم { قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة   } فلو كان شيء من الرقاب التي تعتق  لا يجزئ في ذلك لبينه عليه السلام ، ولما أهمله حتى يبينه له غيره .  [ ص: 329 ] 
ويجزئ في ذلك : أم الولد ، والمدبر ، والمعتق بصفة ، وإلى أجل ، والمكاتب الذي لم يؤد شيئا من كتابته ، ولا يجزئ في ذلك نصفان من رقبتين ، ولا من بعضه حر ؟ وقال  أبو حنيفة  بقولنا في الكافر والصغير : وقال  مالك  ،  والشافعي  لا يجزئ إلا مؤمنة ، قالوا : قسنا ذلك على - الرقبة في قتل الخطأ . 
قال  أبو محمد    : والقياس كله باطل ، ثم لو كان حقا لكان هذا منه باطلا ، لأن  مالكا  لا يقيس حكم قاتل العمد على حكم قاتل الخطأ في الكفارة ، فإذا لم يقس قاتلا على قاتل فقياس الواطئ على القاتل أولى بالبطلان ، إن كان القياس حقا ؟  والشافعي  لا يقيس المفطر بالأكل على المفطر بالوطء في الكفارة ، فإذا لم يقس مفطرا على مفطر فقياس المفطر على القاتل أولى بالبطلان ، إن كان القياس حقا ؟ وأيضا : فإنه لا خلاف في أن كفارة الواطئ في رمضان  يعوض فيها الإطعام من الصيام ، ولا يعوض الإطعام من الصيام في كفارة قتل الخطأ  
فقد صح إجماعهم على أن حكم كفارة الواطئ مخالف لحكم كفارة القاتل ; فبطل بهذا قياس إحداهما على الأخرى ؟ فإن قالوا : إن النص لم يرد بالتعويض في كفارة القتل ، وورد به في كفارة الوطء ؟ قلنا : والنص لم يرد باشتراط مؤمنة في كفارة الوطء وورد به في كفارة القتل ، وهذا هو الحق . 
فإن قالوا : المؤمنة أفضل ؟ قلنا : نعم ; والعالم الفاضل أفضل من الجاهل الفاسق . 
قال تعالى : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون    } . 
وقال تعالى : { أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات    } وأنتم تجيزون فيها الجاهل الفاسق . 
وأما المعيب فكلهم متفق على إجازة العيب الخفيف فيها ، ولم يأت نص ، ولا إجماع ، ولا قياس بالفرق بين العيوب في ذلك ؟  [ ص: 330 ] وأيضا : فلا سبيل لهم إلى تحديد الخفيف - الذي أجازوه من الكثير - الذي لا يجيزونه - فصح أنه رأي فاسد من آرائهم ؟ وقال  أبو حنيفة    : يجزئ الأعور ، والمقطوع اليد أو الرجل أو كليهما من خلاف ، والمقطوع إصبعين من كل يد سوى الإبهامين .
ولا يجزئ الأعمى ، ولا المقعد ، ولا المقطوع يدا ورجلا من جانب واحد  ، ولا مقطوع الإبهامين فقط من كلتا يديه ولا مقطوع ثلاث أصابع من كل يد قال  أبو محمد    : وهذه تخاليط قوية بمرة ولو كان شيء من هذا لا يجزئ لبينه عليه السلام . وأما أم الولد والمدبر فلا خلاف في أن العتق جائز فيهما وحكمه واقع عليهما إذا عتقا ، فمعتق كل واحد منهما يسمى معتق رقبة ، وعتق كل واحد منهم عتق رقبة بلا خلاف ; فوجب أن من أعتق أحدهما في ذلك فقد فعل ما أمره الله تعالى به . 
وقال  أبو حنيفة  ،  ومالك    : لا يجزئان ؟ وقال  الشافعي    : لا تجزئ أم الولد ، لأنها لا تباع ؟ قال  أبو محمد    : فكان ماذا ؟ وهل اشترط عليه السلام - إذ أمر في الكفارة بعتق رقبة    - أن تكون ممن يجوز بيعها ؟ حاش لله من هذا ، فإذ لم يشترط عليه السلام هذه الصفة فاشتراطها باطل ، وشرع في الدين لم يأذن به الله تعالى { وما كان ربك نسيا    } . 
وأجاز في ذلك عتق المدبر ؟ وممن أجاز عتق أم الولد ، والمدبر في ذلك :  عثمان البتي  ،  وأبو سليمان  ؟ وأما المكاتب الذي لم يؤد شيئا فقد ذكرنا أنه عبد ، وممن أجازه في الكفارة دون من أدى شيئا من كتابته - :  أبو حنيفة  ،  وأحمد بن حنبل  ، وإسحاق بن راهويه    . 
وأما المكاتب الذي أدى شيئا من كتابته ، ومن بعضه حر ، فقد ذكرنا في كتاب الزكاة شروع الحرية فيه بقدر ما أدى ، فمن أعتق باقيهما فإنما أعتق بعض رقبة ; لا رقبة ; فلم يؤد ما أمر به .  [ ص: 331 ] 
وممن قال بقولنا في أنهما لا يجزئان :  أبو حنيفة  ،  وأحمد  ، وإسحاق    . 
وأما من أعتق نصفي رقبتين فلا يسمى معتق رقبة كما ذكرنا ; ولأنه يعتق عليه سائرهما بحكم آخر ولا بد ; فإذا لم يكن معتق - رقبة في ذلك فلم يؤد ما أمر به ؟ وأما المعتق إلى أجل - وإن قرب - أو بصفة فعتقهما وبيعهما جائز ; أما المعتق فلا خلاف منهم نعلمه فيه . 
وممن أجازهما في الكفارة :  الشافعي  وغيره ، ومعتقهما يسمى : معتق رقبة . 
741 - مسألة : وكل ما قلنا : أنه لا يجزئ ; فإنه عتق مردود باطل لا ينفذ ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد   } ولأنه لم يعتقه إلا بصفة لم تصح ، فلم يصح عتقه - وبالله تعالى التوفيق 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					