( فروع الأول ) قال في المدونة : ومن قال أنا أضرب بمالي أو بشيء منه بعينه حطيم الكعبة  أو الركن  فعليه حجة أو عمرة ، ولا شيء عليه في ماله ، وكذلك لو قال أنا أضرب بكذا الركن الأسود  فليحج أو يعتمر ، ولا شيء عليه إن لم يرد حملان ذلك الشيء على عنقه ، قال ابن القاسم  وكذلك هذه الأشياء ابن يونس  ، قال ابن المواز  وإن أراد حملانه وكان يقوى على حمله فكذلك يحج أو يعتمر راكبا ، ولا شيء عليه ، فإن كان مما لا يقوى على حمله مشى وأهدى ، وقال ابن حبيب  إذا قال : أنا أضرب بكذا لشيء من ماله الركن الأسود أو الكعبة  وأراد حمله على عنقه مشى إلى البيت  في حج أو عمرة وأهدى ، فلا يحمله ، ثم يدفع ما سمى إن كان لا يبلغ ثمن هدي إلى خزنة الكعبة  يصرف في مصالحها ، وقاله ابن القاسم  ، انتهى . ونقله أبو الحسن  ، وقال انظر الهدي هنا خفيف انتهى . 
وقال ابن يونس  معنى قوله : أضرب بمالي حطيم الكعبة  ، أي أسير به وأسافر به إلى الكعبة  ، ومن ذلك قوله تعالى  [ ص: 340 ]   { وإذا ضربتم في الأرض    } أي سافرتم ، ومنه قولهم : ضرب المقارض بالمال ; لأنه يسير به ويضرب في الأرض لابتغاء الرزق ولم يرد به ما عند الناس من الضرب بماله الكعبة    ; لأن ذلك استخفاف من فاعله وغير ما أمر به من التعظيم لها ، انتهى . ونقله أبو الحسن  ، وقال بعده : وحمل اللخمي  هذا على الضرب حقيقة ، قال : ظاهره نذر معصية لا شيء فيه ، ولكنه يحتمل أن يريد الضرب الذي هو السير ; لأنه لفظ مشترك ، انتهى . وقال قبله : قوله هنا يناقض ما قال فيمن قال علي الانطلاق إلى مكة    ; لأن القائل أنا أضرب قد عبر بلفظ بغير لفظ المشي إلى مكة  ، وبغير لفظ الركوب الذي اختلف فيه قوله الشيخ ، والفرق بينهما أنه هنا ذكر البيت  أو بعضه ، وهناك إنما ذكر مكة  ، وهي مشتملة على البيت  وغيره ، فلو كان هناك أضاف السير والذهاب إلى البيت  لقال مثل ما قال هنا يلزمه انتهى . فتحصل أنه إذا قال : أضرب بكذا في البيت  أو جزء منه أنه إن أراد الضرب الحقيقي ، فلا يلزمه شيء ; لأنه معصية ، وإن أراد السير أو لم تكن له نية ، فإن لم ينو حمله حج أو اعتمر راكبا ، ولا شيء عليه ، وإن أراد حمله فعند ابن المواز  يفصل فيه إن كان يقوى عليه فمثل الأول وإلا مشى وأهدى ، وعند ابن حبيب  يمشي ويهدي ويدفع ما سمى إن لم يبلغ ثمن هدي لخزنة الكعبة  والله أعلم . 
( تنبيه ) ورد في الحديث الصحيح { لولا حداثة قومك بكفر لأنفقت كنز الكعبة  في سبيل الله   } قال  القرطبي  كنز الكعبة   المال المجتمع مما يهدى إليها بعد نفقة ما تحتاج إليه ، وليس من كنز الكعبة  ما تحلى به من الذهب والفضة كما ظنه بعضهم ، فإن ذلك ليس بصحيح ; لأن حليتها حبس عليها كحصرها وقناديلها لا يجوز صرفها في غيرها ، وحكم حليها حكم حلية السيف والمصحف المحبسين ، انتهى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					