باب ما يبدأ به أهل البغي  
قال الله - تعالى - : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما  قال  أبو بكر  أمر الله عند ظهور القتال منهم بالإصلاح بينهما ، وهو أن يدعوا إلى الصلاح والحق وما يوجبه الكتاب والسنة والرجوع عن البغي ، وقوله تعالى : فإن بغت إحداهما على الأخرى  يعني - والله أعلم - : إن رجعت إحداهما إلى الحق وأرادت الصلاح وأقامت الأخرى على بغيها وامتنعت من الرجوع فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فأمر - تعالى - بالدعاء إلى الحق قبل القتال ، ثم إن أبت الرجوع قوتلت . 
وكذا فعل  علي بن أبي طالب  كرم الله وجهه بدأ بدعاء الفئة الباغية إلى الحق واحتج عليهم ، فلما أبوا القبول قاتلهم وفي هذه الآية دلالة على أن اعتقاد مذاهب أهل البغي لا يوجب قتالهم ما لم يقاتلوا ؛ لأنه قال : فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله  فإنما أمر بقتالهم إذا بغوا على غيرهم بالقتال ، وكذلك فعل  علي بن أبي طالب  مع الخوارج  ؛ وذلك لأنهم حين اعتزلوا عسكره بعث إليهم  عبد الله بن عباس  فدعاهم ، فلما أبوا الرجوع ذهب إليهم فحاجهم فرجعت منهم طائفة وأقامت طائفة على أمرها ، فلما دخلوا الكوفة  خطب فحكمت الخوارج  من نواحي المسجد وقالت : لا حكم إلا لله فقال  علي   : " كلمة حق يراد بها باطل ، أما إن لهم ثلاثا : أن لا نمنعهم مساجد الله أن يذكروا فيها اسمه ، وأن لا نمنعهم حقهم من الفيء ما دامت أيديهم مع أيدينا ، وأن لا نقاتلهم حتى يقاتلونا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					