باب عدة الحامل  قال الله تعالى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن  قال  أبو بكر   : لم يختلف السلف  والخلف بعدهم أن عدة المطلقة الحامل أن تضع حملها ، واختلف السلف  في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها ، فقال  علي   وابن عباس   : تعتد الحامل المتوفى عنها زوجها آخر الأجلين وقال عمرو   وابن مسعود  وابن عمر وأبو مسعود البدري   وأبو هريرة   : عدتها الحمل فإذا وضعت حلت للأزواج وهو قول فقهاء الأمصار . 
قال  أبو بكر   : روى إبراهيم  عن  علقمة  عن  ابن مسعود  قال : من شاء لاعنته ما نزلت : وأولات الأحمال أجلهن  إلا بعد آية المتوفى عنها زوجها "  . 
قال  أبو بكر   : قد تضمن قول  ابن مسعود  هذا معنيين : 
أحدهما : إثبات تاريخ نزول الآية وأنها نزلت بعد ذكر الشهور للمتوفى عنها زوجها ، والثاني : أن الآية مكتفية بنفسها في إفادة الحكم على عمومها غير مضمنة بما قبلها من ذكر المطلقة ، فوجب اعتبار الحمل في الجميع من المطلقات والمتوفى عنهن أزواجهن وأن لا يجعل الحكم مقصورا على المطلقات ؛ لأنه تخصيص عموم بلا دلالة . 
ويدل على أن المتوفى عنها زوجها داخلة في الآية مرادة بها اتفاق الجميع على أن مضي شهور المتوفى عنها زوجها لا يوجب انقضاء عدتها دون وضع الحمل ، فدل على أنها مرادة بها ، فوجب اعتبار الحمل فيها دون غيره ، ولو جاز اعتبار الشهور ؛ لأنها مذكورة في آية أخرى لجاز اعتبار الحيض مع الحمل في المطلقة ؛ لأنها مذكورة في قوله تعالى : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء  وفي سقوط اعتبار الحيض مع الحمل دليل على سقوط اعتبار الشهور مع الحمل . 
وقد روى منصور  عن إبراهيم  عن الأسود  عن أبي السنابل بن بعكك   : أن سبيعة بنت الحارث  وضعت بعد وفاة زوجها بثلاثة وعشرين ، فتشوقت للنكاح ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن تفعل فقد خلا أجلها  . 
وروى  يحيى بن أبي كثير  عن  أبي سلمة بن عبد الرحمن  قال : اختلف  ابن عباس   وأبو هريرة  في ذلك ، فأرسل  ابن عباس  كريبا إلى  أم سلمة  فقالت : إن سبيعة  وضعت بعد وفاة زوجها بأيام ، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تتزوج وروى  محمد بن إسحاق  عن محمد بن إبراهيم التيمي  عن أبي سلمة  عن  [ ص: 355 ] سبيعة  أنها وضعت بعد موت زوجها بشهرين ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : تزوجي وجعل أصحابنا عدة امرأة الصغير من الوفاة الحمل إذا توفي عنها زوجها وهي حامل ، لقوله تعالى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن  ولم يفرق بين امرأة الصغير والكبير ولا بين من يلحقه بالنسب أو لا يلحقه . 
				
						
						
