وقوله تعالى : ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا  قال  مجاهد   : " من أحياها نجاها من الهلاك  " . وقال  الحسن   : " إذا عفا عن دمها وقد وجب القود  " . وقال غيرهم من أهل العلم : " زجر عن قتلها بما فيه حياتها " . قال  أبو بكر   : يحتمل أن يريد بإحيائها معونة الولي على قتل القاتل واستيفاء القصاص منه حياة كما قال تعالى : ولكم في القصاص حياة  ويحتمل أن يريد بإحيائها أن يقتل القاصد لقتل غيره ظلما فيكون مجيبا لهذا المقصود بالقتل ويكون كمن أحيا الناس جميعا ؛ لأن ذلك يردع القاصدين إلى قتل غيرهم عن مثله فيكون في ذلك حياة لسائر الناس من القاصدين للقتل والمقصودين به . فتضمنت هذه الآية ضروبا من الدلائل على الأحكام ، منها : دلالتها على ورود الأحكام مضمنة بمعان يجب اعتبارها بوجودها ، وهذا يدل على صحة القول بالقياس   . والثاني إباحة قتل النفس بالنفس   . والثالث : أن من قتل نفسا فهو مستحق للقتل   . والرابع : من قصد قتل مسلم ظلما  فهو مستحق القتل ؛ لأن قوله تعالى : من قتل نفسا بغير نفس  كما دل على وجوب قتل النفس بالنفس فهو يدل على وجوب قتله إذا قصد قتل غيره ؛ إذ هو مقتول بنفس إرادة إتلافها . والخامس : الفساد في الأرض يستحق به القتل   . والسادس احتمال قوله تعالى : فكأنما قتل الناس جميعا  أن عليه مأثم كل قاتل بعده  لأنه سن القتل وسهله لغيره . والسابع : أن على الناس كلهم معونة ولي المقتول حتى يقيدوه منه . والثامن : دلالتها على وجوب القود على الجماعة إذا قتلوا واحدا   . والتاسع : دلالة قوله تعالى : فكأنما أحيا الناس جميعا  على معونة الولي على قتل القاتل . والعاشر : دلالته أيضا على قتل من قصد قتل غيره ظلما  ؛ والله أعلم بالصواب . 
 [ ص: 51 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					