ولما قامت على القدرة الشاملة والعلم التام وأنه الإله وحده  إن وحدوا أو ألحدوا هذه الأعلام على هذا النظام ، أقام دليلا دالا على ذلك كله بما اجتمع فيه من العلم والحكمة وتمام القدرة ، منبها على وجوب حمده مفصلا لبعض ما يحمد عليه ، فقال مقدما الليل لأن آيته عدمية ، وهي أسبق : قل   لمن ربما عاندوا في ذلك ، منكرا عليهم ملزما لهم ، وعبر بالجمع لأنه أدل على الإلزام ، أعظم في الإفحام ،  [ ص: 343 ] فقال : أرأيتم  أي : أخبروني إن جعل الله  أي : الملك الأعلى نظرا إلى مقام العظمة والجلال عليكم الليل  الذي به اعتدال حر النهار سرمدا  أي : دائما ، وقال : إلى يوم القيامة  تنبيها على أنه مما لا يتوجه إليه إنكار من إله غير الله  العظيم الشأن الذي لا كفؤ له. 
ولما كان النور نعمة في نفسه ، ويعرف [به] خالقه، صرح به وطوى أثره فقال : يأتيكم بضياء  أي : يولد نهارا تنتشرون فيه ، ولقوة إعلامه بالقدرة وتعريفه بالله عبر بهذا دون يؤتيكم ضياء ، ولما كان الليل محل السكون ومجمع الحواس  ، فهو أمكن للسمع وأنفذ للفكر ، قال تعالى : أفلا تسمعون  أي : ما يقال لكم إصغاء وتدبرا ، كما يكون لمن هو في الليل فينتفع بسمعه من أولي العقل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					