ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم   
قوله تعالى: ومنهم الذين يؤذون النبي  في سبب نزولها ثلاثة أقوال .  [ ص: 460 ] أحدها: أن خذام بن خالد ،  والجلاس بن سويد ،  وعبيد بن هلال  في آخرين ، كانوا يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال بعضهم لبعض: لا تفعلوا ، فإنا نخاف أن يبلغه فيقع بنا ، فقال الجلاس:  بل نقول ما شئنا ، فإنما محمد  أذن سامعة ، ثم نأتيه فيصدقنا; فنزلت هذه الآية; قاله  أبو صالح  عن  ابن عباس .  
والثاني: أن رجلا من المنافقين يقال له: نبتل بن الحارث ،  كان ينم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المنافقين ، فقيل له: لا تفعل; فقال: إنما محمد  أذن ، من حدثه شيئا ، صدقه; نقول ما شئنا ، ثم نأتيه فنحلف له فيصدقنا ، فنزلت هذه الآية; قاله  محمد بن إسحاق .  
والثالث: أن ناسا من المنافقين منهم جلاس بن سويد ،  ووديعة بن ثابت ،  اجتمعوا ، فأرادوا أن يقعوا في النبي صلى الله عليه وسلم ، وعندهم غلام من الأنصار  يدعى  عامر بن قيس ،  فحقروه ، فتكلموا وقالوا: لئن كان ما يقوله محمد  حقا ، لنحن شر من الحمير ، فغضب الغلام ، وقال: والله إن ما يقوله محمد  حق ، وإنكم لشر من الحمير; ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فدعاهم فسألهم فحلفوا أن عامرا  كاذب ، وحلف عامر  أنهم كذبوا ، وقال: اللهم لا تفرق بيننا حتى تبين صدق الصادق ، وكذب الكاذب; فنزلت هذه الآية ، ونزل قوله: يحلفون بالله لكم ليرضوكم  ، قاله  السدي .  فأما الأذى ، فهو عيبه ونقل حديثه . ومعنى (أذن) يقبل كل ما قيل  [ ص: 461 ] له . 
قال  ابن قتيبة:  الأصل في هذا أن الأذن هي السامعة ، فقيل لكل من صدق بكل خبر يسمعه: أذن . وجمهور القراء يقرؤون (هو أذن قل أذن) بالتثقيل . وقرأ  نافع   "هو أذن قل أذن خير" بإسكان الذال فيهما . ومعنى "أذن خير لكم" أي: أذن خير ، لا أذن شر; يسمع الخير فيعمل به ، ولا يعمل بالشر إذا سمعه . وقرأ  ابن مسعود ،   وابن عباس ،   والحسن ،   ومجاهد ،   وابن يعمر ،   وابن أبي عبلة   "أذن" بالتنوين "خير" بالرفع . والمعنى: إن كان كما قلتم ، يسمع منكم ويصدقكم ، خير لكم من أن يكذبكم . قال أبو علي:  يجوز أن تطلق الأذن على الجملة كما قال  الخليل:  إنما سميت الناب من الإبل ، لمكان الناب البازل ، فسميت الجملة كلها به ، فأجروا على الجملة اسم الجارحة لإرادتهم كثرة استعماله لها في الإصغاء بها . 
ثم بين ممن يقبل ، فقال يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين  قال  ابن قتيبة:  الباء واللام زائدتان; والمعنى: يصدق الله ويصدق المؤمنين . وقال  الزجاج   : يسمع ما ينزله الله عليه ، فيصدق به ، ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه به . ورحمة أي وهو رحمة ، لأنه كان سبب إيمان المؤمنين . وقرأ  حمزة   "ورحمة" بالخفض . قال أبو علي:  المعنى: أذن خير ورحمة . والمعنى: مستمع خير ورحمة . 
				
						
						
