[ ص: 379 ] فصل والقصاص في الجراح  أيضا ثابت بالكتاب والسنة والإجماع بشرط المساواة   ; فإذا قطع يده اليمنى من مفصل فله أن يقطع يده كذلك . وإذا قلع سنه فله أن يقلع سنه . وإذا شجه في رأسه أو وجهه فأوضح العظم فله أن يشجه كذلك . وإذا لم تمكن المساواة : مثل أن يكسر له عظما باطنا أو يشجه دون الموضحة  فلا يشرع القصاص ; بل تجب الدية المحدودة أو الأرش . وأما القصاص في الضرب بيده أو بعصاه أو سوطه مثل أن يلطمه أو يلكمه  أو يضربه بعصا ونحو ذلك : فقد قالت طائفة من العلماء : إنه لا قصاص فيه ; بل فيه التعزير لأنه لا تمكن المساواة فيه . 
والمأثور عن الخلفاء الراشدين  وغيرهم من الصحابة  والتابعين   : أن القصاص مشروع في ذلك وهو نص أحمد  وغيره من الفقهاء وبذلك جاءت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصواب . قال  أبو فراس   : خطب  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه فذكر حديثا قال فيه : ألا إني والله ما أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم ولا  [ ص: 380 ] ليأخذوا أموالكم ; ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنة نبيكم . فمن فعل به سوى ذلك فليرفعه إلي فوالذي نفسي بيده إذا لأقصنه منه فوثب عمرو بن العاص  فقال يا أمير المؤمنين : إن كان رجل من المسلمين أمر على رعية فأدب رعيته أإنك لتقصه منه ؟ قال : إي والذي نفس محمد  بيده إذا لأقصنه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه . ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم . رواه  الإمام أحمد  وغيره . 
ومعنى هذا إذا ضرب الوالي رعيته ضربا غير جائز . فأما الضرب المشروع  فلا قصاص فيه بالإجماع إذ هو واجب أو مستحب أو جائز . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					