[ ص: 467 ] فصل يحرم على الرجل لبس الذهب    ( و ) والفضة ( و ) كما سبق في اللباس من ستر العورة ، وسبق فيه حكم المنسوخ بذلك والمموه به ، وما يتعلق به ، ويسير ذلك تبعا ، كزر الذهب والطرز ومسمار خاتم وفصه ، ونحو ذلك . ويسيره في الآنية ،  وللشافعي  قول قديم : لا يحرم استعمال آنية ذلك  ،  والخرقي  أطلق الكراهة ، ومراده التحريم عند الأكثر ، وجزم  الشيخ  أنه لا خلاف فيه بين أصحابنا . 
وفي جامع  القاضي  والوسيلة : ظاهره كراهة التنزيه ، قال الأصحاب رحمهم الله : وتحريم الآنية أشد من اللباس ، لتحريمها على الرجال والنساء ، ولم أجدهم احتجوا على تحريم لباس الفضة على الرجال  ، ولا أعرف التحريم نصا عن  أحمد  ، وكلام شيخنا  يدل على إباحة لبسها للرجال ، إلا ما دل الشرع على تحريمه . 
وقال أيضا : لبس الفضة إذا لم يكن فيه لفظ عام بالتحريم لم يكن لأحد أن يحرم منه إلا ما قام الدليل الشرعي على تحريمه ، فإذا أباحت السنة خاتم الفضة دل على إباحة ما في معناه ، وما هو أولى منه بالإباحة ، وما لم يكن كذلك فيحتاج إلى نظر في تحليله وتحريمه ، ويؤيده قوله تعالى { خلق لكم ما في الأرض جميعا    } والتحريم يحتاج إلى دليل ، والأصل عدمه ، ودليل التحريم أن الصحابة رضي الله عنهم نقلوا عنه عليه الصلاة والسلام استعمال يسير الفضة ، في أخبار مشهورة ، ليكون  [ ص: 468 ] ذلك حجة في اختصاصه بالإباحة ، ولو كانت الفضة مباحة لم يكن ، في نقلهم استعمال اليسير من ذلك كبير فائدة ، ويقال : قولكم " كبير فائدة " دليل على أن فيه فائدة سوى المطلوب ، فنقلوه لأجلها ، ولا يقال للأمرين ; لأنا نمنع ذلك ولا دليل عليه [ وهذا ] كما نقلوا أجناس آنيته وملابسه وغير ذلك ، وإنما كان قول  أنس    : { انكسر قدح النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة   } حجة في إباحة اليسير في الآنية ، لعموم دليل التحريم . 
ولأنه { صلى الله عليه وسلم سئل عن الخاتم من أي شيء أتخذه ؟ قال من ورق ولا تتمه مثقالا   } إسناده ضعيف ، رواه الخمسة من حديث  بريدة  ، قال  أحمد    : حديث منكر ، ثم أين التحريم فيه ؟ ولأنه { عليه الصلاة والسلام رخص للنساء في الفضة ، ونهاهن عن الذهب   } ، في أخبار رواها  أحمد  وغيره ، وبعضها إسناده حسن ، ولو كانت إباحتها عامة لما خصهن بالذكر ، ولعم ، لعموم الفائدة ، بل ولصرح بذكر الرجال ، لإزالة اللبس وإيضاح الحق . 
ويقال إنما خصهن ; لأنهن السبب ; لأنه نهاهن عن الذهب وأباح لهن الفضة ، فلا حجة إذا ، بل يقال : إباحتها لهن إباحة للرجال ; لأن الأصل التساوي . في الأحكام إلا ما خصه الدليل .  [ ص: 469 ] ولأنه يحرم استعمال الإناء منها فحرم لبسها ، كالذهب ، وهذا ; لأن تسوية الشارع بينهما في تحريم الإناء دليل على التسوية في غيره ، ويقال : تحريم الذهب آكد بلا شك ، فيمتنع الإلحاق ، وتسوية الشارع بينهما في التحريم المؤكد وهو الآنية لا يدل على التسوية في غيره ، والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					