قال ابن الجوزي  في المنهاج : وإن أخذ ممن يعلم أنه [ إنما ] أعطاه حياء  لم يجز الأخذ ويجب رده إلى صاحبه ، فدل أن الملك لا ينتقل ، وعموم كلامهم خلافه ، ولنا خلاف في بيع الهازل  ، وهذا أولى أو مثله ، وقد  [ ص: 597 ]   { أعطى النبي صلى الله عليه وسلم من السؤال من لا يريد إعطاءه   } ، وعدم البركة فيه لا تمنع نقل الملك ، كأخذه بإشراف نفس ، كما في الصحيحين من حديث  حكيم  لما { سأل النبي صلى الله عليه وسلم مرارا فأعطاه ثم قال إن هذا المال خضرة حلوة ، فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه ، ومن أخذ بإشراف نفس لم يبارك له فيه ، وكان كالذي يأكل ولا يشبع   } وفي شرح  مسلم    : إن طيب النفس يحتمل أنه من الدافع ، والأظهر أنه من الآخذ وفي كشف المشكل : عن  ابن عقيل  قال : ما جاء بمسألتك فإنك اكتسبت فيه السؤال ، ولعل المسئول استحى أو خاف ردك . ولا خير في مال خرج لا عن طيب نفس ، وذكر ابن الجوزي  أيضا في كتابه السر المصون : أن الشبلي  طلب شيئا من بعض أرباب الدنيا ، فقال له : يا شبلي  ، اطلب من لله ، فقال : أنا أطلب من الله وأطلب الدنيا من خسيس مثلك ، فبعث إليه مائة دينار ، قال  ابن عقيل    : إن كان بعث إليه اتقاء ذمه فقد أكل الشبلي  الحرام . 
وقد ذكر صاحب النظم القول بتحريم الجلوس عند من يتحدث سرا  ، قال : ويكره إن كان إذنه استحياء ، وعن  معاوية  مرفوعا { إنما أنا خازن فمن أعطيته عن طيب نفس فيبارك له فيه ، ومن أعطيته عن مسألة وشره كان كالذي يأكل لا يشبع   } ، وفي لفظ { لا تلحفوا في المسألة ، فوالله لا يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني شيئا وأنا له كاره فيبارك له فيما أعطيته   } رواهما  مسلم  ، وقد ذكر بعض العلماء هذا في المسألة المحرمة مع ذكرهم ما سبق من إشراف النفس على ظاهره ، مع أن كلام  [ ص: 598 ] الشارع فيهما واحد ، فقد يحتمل ذلك ، ولا منافاة ، وقد يكون في المسألة المباحة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					