ويحبس المستور ليبين أمره  أو ثلاثا على وجهين نقل  حنبل    : حتى يبين أمره ، ونص  أحمد  ومحققو أصحابه على حبسه ، واحتج  أحمد    { بأن النبي صلى الله عليه وسلم حبس في تهمة   } ، بخلاف دعوى بيع أو قرض ونحوه ، لتفريطه بترك كتابته والإشهاد ، وأن تحليف كل مدعى عليه وإرساله مجانا  ليس مذهبا لإمام ، واحتج في مكان آخر بأن قوما اتهموا أناسا بسرقة فرفعوهم إلى  النعمان بن بشير  فحبسهم أياما ثم أطلقهم ، فقالوا له : خليت سبيلهم بغير ضرب ولا امتحان ، فقال لهم : إن شئتم ضربتهم ، فإن ظهر ما لكم وإلا ضربتكم مثل ما ضربتهم ، فقالوا هذا حكمك ؟ فقال : حكم الله تعالى ورسوله . إسناده جيد رواه  النسائي  وأبو داود  وترجم عليه : باب في الامتحان بالضرب ، وظاهره أنه قال به 
، وقال به شيخنا  وفي الأحكام السلطانية : يحبسه وال قال : فظاهر كلام  أحمد    : وقاض ، وأنه ليشهد له { ويدرأ عنها العذاب    } الآية حملنا على الحبس لقوة التهمة . 
وذكر شيخنا    : الأول قول أكثر العلماء ، واختار تعزير مدع بسرقة  [ ص: 480 ] ونحوها على من تعلم براءته ، واختار أن خبر من له رائي جني بأن فلانا سرق كذا كخبر إنسي مجهول ، فيفيد تهمة كما تقدم ، وفي الأحكام السلطانية . 
يضربه الوالي مع قوة التهمة تعزيرا ، فإن ضرب ليقر لم يصح ، وإن ضرب ليصدق عن حاله فأقر تحت الضرب  قطع ضربه وأعيد إقراره ليؤخذ به ، ويكره الاكتفاء بالأول ، كذا قال ، قال شيخنا    : إذا كان معروفا بالفجور المناسب للتهمة قال طائفة : يضربه الوالي والقاضي ، وقال طائفة : الوالي دون القاصي ، وقد ذكر ذلك طوائف من أصحاب  مالك   والشافعي   وأحمد  ، وفي الصحيح : { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر  الزبير  أن يمس بعض المعاهدين بالعذاب لما كتم إخباره بالمال الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم قد عاهدهم عليه ، وقال له : أين كنز حيي بن أخطب ؟  فقال : يا محمد  ، أذهبته النفقات والحروب ، فقال : المال كثير ، والعهد أقرب من هذا . وقال  للزبير    : دونك هذا ، فمسه  الزبير  بشيء من العذاب ، فدلهم على المال   } ، وفي كتاب الهدي ما هو نفس كلام شيخنا  أن في هذا الخبر دليلا على الاستدلال بالقرائن على صحة الدعوى وفسادها  ، وكذلك فعل سليمان  عليه السلام في استدلاله بالقرينة على تعين أم الطفل الذي ذهب به الذئب وادعت كل واحدة من المرأتين أنه ابنها ، واختصمتا إليه في الآخر ، فقضى به داود  للكبرى ، فخرجتا على سليمان  فقال : بم قضى بينكما نبي الله ؟ فأخبرتاه ، فقال : ائتوني بالسكين أشقه بينكما ، فقالت الصغرى : لا تفعل ، رحمك الله ، هو ابنها ، فقضى به لها ، فلو اتفقت مثل هذه القصة  [ ص: 481 ] في شريعتنا عمل بالقافة وفاقا  لمالك   والشافعي  ، قال أصحابنا : وكذا لو اشتبه ولد مسلمة وكافرة  وتوقف فيها  أحمد  ، فقيل له : ترى القافة ؟ فقال : ما أحسنه ، فإن لم توجد قافة وحكم بينهما حاكم بمثل حكم سليمان  كان صوابا ، وكان أولى من القرعة ، لأن القرعة مع عدم الترجيح ، فلو ترجح بيد أو شاهد واحد أو قرينة ظاهرة من لوث أو نكول أو موافقة شاهد الحال لصدقه ، كدعوى حاسر الرأس عن العمامة عمامة من بيده عمامة وهو يشتد عدوا وعلى رأسه أخرى  ، ونظائر ذلك ، قدم على القرعة ، كدعوى كل واحد من الزوجين قماش البيت وآلاته ، وكل واحد من الصانعين آلات صنعته ، والحكم بالقسامة هو من هذا ، ولم يقص النبي صلى الله عليه وسلم قصة سليمان  إلا ليعتبر بها في الأحكام ، وترجم عليها  النسائي    : باب في الحاكم يوهم خلاف الحق ليستعلم به الحق . 
ونقل الجماعة أنه قال قول  عمر  ليس الرجل بأمين على نفسه إذا أجعته أو ضربته أو حبسته ، فإذا أقر على هذا لم يؤخذ به ، ولا تمتحنه بقول زنيت سرقت حتى يجيء هو يقر ، أما من عرف بالخير فلا يجوز إلزامه بشيء ويحلف ويترك إجماعا . 
     	
		  [ ص: 479 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					