3322 كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام 
وقال النووي   : ( باب كتب النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم إلى هرقل ملك الشام، يدعوه إلى الإسلام) . 
حديث الباب 
وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 103 - 111 جـ 12 المطبعة المصرية 
[ عن  ابن عباس  ؛ أن  أبا سفيان  أخبره، من فيه إلى فيه، قال: انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال: فبينا أنا بالشأم  إذ جيء بكتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل   (يعني عظيم الروم   ) قال: وكان  دحية الكلبي  جاء به. فدفعه إلى عظيم بصرى   . فدفعه عظيم بصرى  إلى هرقل  فقال هرقل   : هل هاهنا أحد من قوم هذا الرجل، الذي يزعم أنه نبي؟ قالوا: نعم . قال: فدعيت في نفر من قريش  ، فدخلنا على هرقل  ، فأجلسنا بين يديه. فقال: أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل، الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان   : فقلت: أنا . فأجلسوني بين يديه، وأجلسوا أصحابي خلفي. 
 [ ص: 580 ] ثم دعا بترجمانه، فقال له: قل لهم: إني سائل هذا، عن الرجل الذي يزعم: أنه نبي. فإن كذبني فكذبوه . قال: فقال أبو سفيان   : وايم الله! لولا مخافة أن يؤثر علي الكذب لكذبت. ثم قال لترجمانه: سله: كيف حسبه فيكم؟ قال: قلت: هو فينا ذو حسب. قال: فهل كان من آبائه ملك؟ قلت: لا. قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب، قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا. قال: ومن يتبعه؟ أشراف الناس أم ضعفاؤهم؟ قال: قلت: بل ضعفاؤهم. قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قال: قلت: لا. بل يزيدون. قال: هل يرتد أحد منهم عن دينه، بعد أن يدخل فيه، سخطة له؟ قال: قلت: لا. قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم . قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قال: قلت: تكون الحرب بيننا وبينه سجالا، يصيب منا ونصيب منه . قال: فهل يغدر؟ قلت: لا. ونحن منه في مدة، لا ندري ما هو صانع فيها؟ 
قال: فوالله! ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئا، غير هذه. 
قال: فهل قال هذا القول أحد قبله؟ قال: قلت: لا. قال لترجمانه: قل له: إني سألتك عن حسبه، فزعمت: أنه فيكم ذو حسب . وكذلك الرسل، تبعث في أحساب قومها . وسألتك: هل كان في آبائه ملك؟ فزعمت: أن لا . فقلت: لو كان من آبائه ملك، قلت: رجل يطلب ملك آبائه . وسألتك عن أتباعه أضعفاؤهم أم أشرافهم ؟ فقلت: بل ضعفاؤهم . وهم أتباع الرسل . وسألتك  [ ص: 581 ] هل كنتم تتهمونه بالكذب، قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت: أن لا. فقد عرفت: أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس، ثم يذهب فيكذب على الله . وسألتك: هل يرتد أحد منهم عن دينه، بعد أن يدخله، سخطة له؟ فزعمت: أن لا. وكذلك الإيمان، إذا خالط بشاشة القلوب . وسألتك: هل يزيدون أو ينقصون؟ فزعمت: أنهم يزيدون. وكذلك الإيمان حتى يتم . وسألتك: هل قاتلتموه؟ فزعمت: أنكم قد قاتلتموه، فتكون الحرب بينكم وبينه سجالا، ينال منكم وتنالون منه . وكذلك الرسل، تبتلى، ثم تكون لهم العاقبة. 
وسألتك: هل يغدر؟ فزعمت: أنه لا يغدر. وكذلك الرسل لا تغدر. وسألتك: هل قال هذا القول أحد قبله؟ فزعمت: أن لا. فقلت: لو قال هذا القول أحد قبله، قلت: رجل ائتم بقول قيل قبله . 
قال: ثم قال: بم يأمركم؟ قلت: يأمرنا بالصلاة، والزكاة، والصلة، والعفاف. قال: إن يكن ما تقول فيه حقا: فإنه نبي. وقد كنت أعلم أنه خارج . ولم أكن أظنه منكم . ولو أني أعلم أني أخلص إليه: لأحببت لقاءه . ولو كنت عنده، لغسلت عن قدميه . وليبلغن ملكه ما تحت قدمي . 
قال: ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأه، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله، إلى هرقل  عظيم الروم   سلام على من اتبع الهدى . أما بعد . فإني أدعوك بدعاية الإسلام . أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين . وإن توليت، فإن عليك  [ ص: 582 ] إثم الأريسيين و يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون   . 
فلما فرغ من قراءة الكتاب، ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط . وأمر بنا، فأخرجنا . 
قال: فقلت لأصحابي حين خرجنا: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة  إنه ليخافه ملك بني الأصفر   . قال: فما زلت موقنا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيظهر، حتى أدخل الله علي الإسلام  ]. 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					