فصل [فيمن تعدى الميقات] 
تعدي الميقات  على ثلاثة أوجه : 
فمن تعداه وهو يريد دخول مكة  لحج أو لعمرة كان عليه الدم . 
وإن كان يريد دخولها لا لحج ولا لعمرة ، ثم بدا له بعد أن جاوز الميقات فأحرم بحج أو بعمرة ؛ لم يكن عليه دم . وقال في كتاب محمد   : عليه الدم ، وإن كان لا يريد دخولها ثم بدا له أن يدخلها فأحرم فلا دم عليه . وقال أيضا  [ ص: 1161 ] فيمن تعدى الميقات وهو صرورة  ، ثم أحرم : فعليه الدم . 
ولم يفرق بين أن يكون يريد دخول مكة  أو لا ، وجعل الفرض على الفور . وحكى  أبو محمد عبد الوهاب  عنه أن على من دخل مكة  حلالا الدم . 
وعلى هذا يصح قوله في كتاب محمد  فيمن جاوز الميقات وهو يريد دخول مكة  ، ثم أحرم أن عليه الدم . 
والصواب : ألا دم إلا على من أراد الحج أو العمرة ، ومن تعدى الميقات وهو يريد الإحرام رجع ما لم يحرم  ، أو يخاف فوات أصحابه ، ولا يجد من يصحبه ، أو يشارف مكة  ، فإنه يمضي ويهدي . 
واختلف فيمن تعدى الميقات ثم أحرم بالحج ثم فاته الحج  ، فقال  ابن القاسم   : لا دم عليه ؛ لتعدي الميقات . وقال  أشهب   : عليه الدم . 
والأول أحسن ؛ لأنه صار أمره إلى عمرة ، ولم يتعد الميقات ، فيجب لها الدم ، وإنما تعدى في الحج ولم يتم . 
واختلف في المريض من أهل المدينة   يريد الحج ، فقال  مالك  في كتاب محمد   : لا ينبغي لمن جاوز الميقات أن يؤخر الإحرام لما يرجو من قوة ، ويحرم ، فإن احتاج إلى شيء افتدى ، وقال أيضا : لا بأس أن يؤخر إلى الجحفة   . 
والأول أقيس ، وهو مخاطب بالإحرام من ميقاته ، فإن احتاج إلى شيء من المخيط أو تغطية الرأس فعل وافتدى .  [ ص: 1162 ] 
واختلف في الإحرام قبل الميقات  ، فأجاز ذلك  مالك  مرة ، وحمل الحديث في الإحرام من الميقات أنه تخفيف ، فمن فعل فقد زاد خيرا . وكره ذلك مرة ، ورأى أن الميقات سنة لا تقدم ولا تأخر عنه . وقد روي عن  عمر بن الخطاب   - رضي الله عنه - أنه أنكر على  عمران بن حصين  إحرامه من البصرة   . وقد أحرم  ابن عمر   - رضي الله عنه - من الشام  ، وكان الأسود  وعلقمة  وعبد الرحمن  وأبو إسحاق  يحرمون من بيوتهم . 
ولا خلاف أنه إن فعل فأحرم قبل الميقات في أشهر الحج بالحج ، أو أحرم في غير أشهر الحج بالعمرة أن إحرامه منعقد . قال محمد   : ومن أحرم بالحج أو العمرة ؛ فلا يقيم بأرضه ، إلا إقامة المسافر . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					