باب في وجوب العمرة ووقتها 
العمرة  عند  مالك  سنة . وقال ابن الجهم   وابن حبيب   : واجبة كوجوب الحج . 
والأول أحسن ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :  "بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت"  . ولم يقل ، ست ، وفرض الحج من آخر ما نزل ، ومعنى قول الله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله   [البقرة : 196] أمر لمن دخل فيهما بالإتمام . وقيل : أمر من أتى بعمرة أن يرجع إلى بلده ، ثم يأتنف السفر للحج . وكلا التأويلين لا يقتضي وجوب العمرة ، ولا تدخل العمرة في عموم الأمر بالحج ؛ لأن هذين قد لزم كل واحد منهما اسم يختص به ، قال الله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله  فلم يشرك العمرة بالاسم مع الحج . 
وقال  مالك   : العمرة في السنة مرة  ، ولو اعتمر لزمه . وقال  مطرف  في كتاب  ابن حبيب   : لا بأس بالعمرة في السنة مرارا . وقال  محمد بن المواز   : أرجو ألا يكون به بأس ، وقد اعتمرت  عائشة   - رضي الله عنها - عمرتين في شهر .  [ ص: 1254 ] 
ولا أرى أن يمنع أحد من أن يتقرب إلى الله تعالى بشيء من الطاعات ، ولا من الازدياد في الخير في موضع لم يأت بالمنع منه نص . 
والوقت الذي يؤتى بها فيه  على وجهين ، فمن لم يتقدم له حج ، ولا يريده في ذلك العام فيعتمر من السنة أي وقت أحب ، وفي أشهر الحج وأيامه ويوم عرفة  ويوم النحر وأيام التشريق ، ويكون الناس في الوقوف بعرفة  وهو يعمل عمل العمرة . وأما من حج فلا يعتمر حتى تغيب الشمس من آخر أيام التشريق . قال : وإن تعجل في يومين فلا يحرم بعمرة . وإن فعل لم تنعقد . 
قال  ابن القاسم   : إلا أن يحرم في آخر أيام التشريق بعد الرمي فيلزمه قال محمد   : يلزمه الإحرام ، ولا يحل في آخر أيام التشريق حتى تغرب الشمس ، وإحلاله قبل ذلك باطل . قال : وإن وطئ قبل ذلك أفسد عمرته ، وقضاها ، وأهدى . والقياس إذا انحل الإحرام للحج أن ينعقد الإحرام للعمرة ، ويصح عملها .  [ ص: 1255 ] 
				
						
						
