قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تفسيره المشهور يقول: فسدد وجهك نحو الوجه الذي وجهك الله يا محمد لطاعته، وهي الدين حنيفا. يقول: مستقيما لدينه وطاعته. فطرت الله التي فطر الناس عليها يقول: صنعة الله التي خلق الناس عليها، ونصب فطرة على المصدر من معنى قوله: فأقم وجهك للدين حنيفا وذلك أن معنى ذلك: فطر الله الناس على ذلك فطرة) .
قال: (وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل) . وروي (عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: فطرت الله التي فطر الناس عليها [سورة الروم:30]، قال: الإسلام، فمنذ خلقهم الله من آدم جميعا يقرون بذلك. وقرأ: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين [سورة الأعراف:172] . فهذا قول الله، كان الناس أمة واحدة يومئذ، فبعث الله النبيين بعد) . [ ص: 374 ]
وروي بإسناده الصحيح عن (ابن أبي نجيح عن مجاهد: فطرة الله، قال: الدين، الإسلام. وقال (ثنا ابن حميد، ثنا يحيى بن واضح، ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن يزيد بن أبي مريم، قال: مر عمر بمعاذ بن جبل فقال: ما قوام هذه الأمة؟ قال معاذ: ثلاث وهن المنجيات: الإخلاص - وهو الفطرة، فطرة الله التي فطر الناس عليها - والصلاة: وهي الملة، والطاعة: وهي العصمة. فقال عمر: صدقت) .
وقال: حدثني يعقوب - يعني الدورقي - ثنا ابن علية، ثنا أيوب عن أبي قلابة أن عمر قال لمعاذ: ما قوام هذه الأمة؟ فذكر نحوه) .
قال: (وقوله لا تبديل لخلق الله : يقول: لا تغيير لدين الله، أي لا يصلح ذلك ولا ينبغي أن يفعل) .
ثم ذكر بإسناده الصحيح عن (ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: لا [ ص: 375 ] تبديل لخلق الله. قال: لدين الله) .
وروي عن (عبد الله بن إدريس، عن ليث قال: أرسل مجاهد رجلا يقال له قاسم إلى عكرمة، يسأله عن قول الله : لا تبديل لخلق الله ، فقال عكرمة: هو الخصاء. فرجع إلى مجاهد فقال: أخطأ، لا تبديل لخلق الله إنما هو الدين، ثم قرأ: لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ) .
وروي عن (وكيع، عن نصر بن عربي، عن عكرمة: لا تبديل لخلق الله: لدين الله) .
وروي أيضا عن (حسين بن واقد عن يزيد النحوي، عن عكرمة: فطرة الله التي فطر الناس عليها، قال: الإسلام، وكذلك روي (عن وكيع، عن سفيان الثوري، عن ليث، عن مجاهد قال: لدين الله) . وروي (عن سعيد، عن قتادة: لا تبديل لخلق الله : أي لدين الله) . [ ص: 376 ]
وكذلك روي (عن ابن عيينة، عن حميد الأعرج، قال: قال سعيد بن جبير: لا تبديل لخلق الله ، قال: لدين الله) .
وكذلك عن (المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك في قوله لا تبديل لخلق الله ، قال: دين الله) .
وكذلك عن (وكيع، عن سفيان الثوري، ومسعر، عن قيس بن مسلم، عن إبراهيم النخعي: لا تبديل لخلق الله ، قال: دين الله) .
وكذلك عن (مغيرة، عن إبراهيم قال: لدين الله) .
وعن (عمرو بن أبي سلمة، سألت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن قوله تعالى: لا تبديل لخلق الله . قال: لدين الله) .
وروي أيضا عن ابن عباس أنه سئل عن إخصاء البهائم فكرهه، [ ص: 377 ] وقال: لا تبديل لخلق الله. وعن حميد الأعرج قال: قال عكرمة: الإخصاء، وعن حفص بن غياث، عن ليث، عن مجاهد قال: الإخصاء) .


