الباب الثاني في عصمته صلى الله عليه وسلم من أبي جهل   
روى الإمام  أحمد   والنسائي  عن  أبي هريرة  رضي الله عنه قال : قال أبو جهل :  هل يعفر محمد  وجهه بين أظهركم ؟ فقيل : نعم ، فقال : واللات والعزى ، لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته ، أو لأعفرن وجهه في التراب ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته ، فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ، ويتقي بيديه ، فقيل له : ما لك ؟ فقال : إن بيني وبينه خندقا من نار ، وهولا ، وأجنحة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لو دنا لاختطفته الملائكة عضوا عضوا» ، فأنزل الله تعالى : كلا إن الإنسان ليطغى  إلى آخر السورة ، ورواه  البخاري  من حديث  ابن عباس  مختصرا . 
وروى  البزار   والطبراني   والحاكم  وصححه عن  العباس  قال : كنت يوما جالسا في المسجد ، فأقبل أبو جهل ،  فقال : إن لله علي إن رأيت محمدا  ساجدا أن أطأ على رقبته ، فخرجت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلت عليه ، فأخبرته بقول أبي جهل ،  فخرج غضبانا حتى أتى المسجد فعجل قبل أن يدخل من الباب ، فاقتحم الحائط ، فقلت : هذا يوم شر فاتزرت واتبعته . 
وروى  ابن إسحاق   وأبو نعيم   والبيهقي  عن  ابن عباس  رضي الله عنهما قال : قال أبو جهل :  يا معشر قريش ، إن محمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا ، وشتم آبائنا ، وتسفيه أحلامنا ، وسب آلهتنا ، وإني لأعاهد الله لأجلسن له غدا بحجر ، فإذا سجد في صلاته فضحت به رأسه ، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم ، فلما أصبح أبو جهل  أخذ حجرا وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، وقد غدت قريش فجلسوا في أنديتهم ينظرون ، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم احتمل أبو جهل  الحجر ، ثم أقبل نحوه حتى إذا دنا منه ثم رجع ، منتقعا  [ ص: 256 ] 
لونه ، قد يبست يداه على حجره ، حتى قذف الحجر من يده ، فأتى قريشا ، فقالوا له : ما لك ؟ قال : لما قمت إليه عرض لي فحل من الإبل ، فوالله ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ، ولا أنيابه لفحل قط ، فهم أن يأكلني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ذاك جبريل ،  لو دنا مني لأخذه»  . 
وروى الإمام  أحمد   والترمذي  عن  ابن عباس  رضي الله عنهما قال : مر أبو جهل  بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، فقال : ألم أنهك أن تصلي يا محمد ،  لقد علمت ما بها أحد أكثر ناديا مني ، فانتهره النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال جبريل :  فليدع ناديه  سندع الزبانية ،  فو الله لو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					