الثالث : في دعائه صلى الله عليه وسلم له رضي الله تعالى عنه  
وروى ابن حيان  عن  أسامة بن زيد   -رضي الله تعالى عنهما- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه ، ويقعد الحسن  على فخذه (الأخرى) ويقول : "اللهم ، إني أحبهما فارحمهما" . 
وروى  الدولابي  عن محمد بن عبد الرحمن بن مولى بني هاشم  أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الحسن   -رضي الله تعالى عنه- مقبلا فقال : اللهم ، "سلمه ، وسلم منه" انتهى . 
الرابع : في أنه صلى الله عليه وسلم سأل أن الله تعالى سيصلح به بين فئتين ،  وقد كان ذلك بتركه الخلافة والقتال ، لا لعلة ولا لزلة ، وأصلح الله بذلك بين طائفة وطائفة طائفته وطائفة  معاوية؛  تحقيقا لمعجزته صلى الله عليه وسلم حيث كان ذلك كما أخبر . 
روى  الترمذي   -وقال : حسن صحيح- والإمام  أحمد   والبخاري   والنسائي  عن  أبي بكرة ،  وابن  [ ص: 66 ] عساكر  عن  أبي سعيد ،  ويحيى بن معين  في "فوائده"  والطبراني   والبيهقي  في "الدلائل"  والخطيب   وابن عساكر   والضياء  عن  جابر   -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  "إن ابني هذا سيد" وفي لفظ : "وإنه ريحانتي ، وإني لأرجو أن يصلح الله به" وفي لفظ : "لعل الله أن يصلح به" ، وفي لفظ : وليصلحن الله به ، وفي لفظ : "يصلح الله على يديه بين فئتين عظيمتين من المسلمين" وفي لفظ : من المسلمين عظيمتين . 
الخامس : في مصه صلى الله عليه وسلم لعاب الحسن ،  ومحبته له ، وتقبيله سرته رضي الله تعالى عنه  
روى الإمام  أحمد  في "المناقب" عن  معاوية   -رضي الله تعالى عنه- قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص لسان الحسن  أو شفته ، وأنه لن يعذب لسان أو شفتان مصهما رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
وروى  أبو سعيد بن الأعرابي  عن  أبي هريرة   -رضي الله تعالى عنه- قال : لا زلت أحب هذا الرجل -يعني  حسنا-  بعدما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع به ما يصنع ، رأيت الحسن  في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدخل أصبعه في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والنبي صلى الله عليه وسلم يدخل لسانه في فمه أو لسان الحسن  في فمه ، ثم قال : "اللهم ، إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه" . 
وروى  الحاكم  عن  أبي هريرة   -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  "اللهم ، إني أحبه ، فأحبه" ، يعني الحسن . 
السادس : (في تقبيله صلى الله عليه وسلم سرة الحسن  رضي الله تعالى عنه) .  
وروى  ابن حبان  عن  أبي هريرة   -رضي الله تعالى عنه- أنه رأى  الحسن بن علي   -رضي الله تعالى عنهما- في بعض طرق المدينة ،  فقال له : اكشف لي عن بطنك ، فداك أبي ، حتى أقبل منك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبله ، فكشف له عن بطنه فقبل سرته . 
السابع : في وثوبه على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم .  
روى  ابن أبي الدنيا   وأبو بكر الشافعي  عن  عبد الله بن الزبير   -رضي الله تعالى عنهما- قال : رأيت  الحسن بن علي  يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فيركب على ظهره وهو ساجد ، فما ينزل حتى يكون هو الذي ينزل ، ويأتي وهو راكع فيفرج له بين رجليه حتى يخرج من الجانب الآخر . 
وروى  أبو سعيد بن الأعرابي  عن  أبي سعيد   -رضي الله تعالى عنه- قال : جاء الحسن   [ ص: 67 ]  -رضي الله تعالى عنه- إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فركب على ظهره فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم بيده فأقامه على ظهره ، ثم ركع ثم أرسله فذهب . 
الثامن : في علمه رضي الله تعالى عنه  
روى  ابن أبي الدنيا  في كتاب "اليقين" عن محمد بن معشر اليربوعي  قال : قال  علي  للحسن  ابنه -رضي الله تعالى عنهما- : كم بين الإيمان واليقين ؟ قال : أربع أصابع ، قال : اليقين ما رأته عيناك ، والإيمان ما سمعته أذنك ، وصدقت به ، قال : أشهد أنك ممن أنت منه ، ذرية بعضها من بعض . 
التاسع : في خطبته يوم قتل أبوه رضي الله تعالى عنهما  
روى  الدولابي  عن زيد بن الحسن   -رضي الله تعالى عنهما- قال : خطب الحسن   -رضي الله تعالى عنه- الناس حين قتل أبوه  علي   -رضي الله تعالى عنه- فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيه الراية فيقاتل جبريل  عن يمينه وميكائيل  عن يساره ، فما يرجع حتى يفتح الله -عز وجل- عليه ، وما ترك على ظهر الأرض صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه ، وأراد أن يبتاع بها خادما لأهله ، ثم قال : أيها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا  الحسن بن علي  وأنا ابن الرضي ، وأنا ابن البشير ، وأنا ابن النذير ، وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير ، وأنا من أهل البيت الذي كان جبريل  صلى الله عليه وسلم ينزل فيه ويصعد من عندنا ، وأنا من أهل البيت الذي أذهب الله -عز وجل- عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وأنا من أهل البيت الذين افترض الله تعالى مودتهم على كل مسلم ، فقال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا   [الشورى : 42] واقتراف الحسنة تزيد لنا أهل البيت . 
العاشر : في بيعته وخروجه إلى  معاوية ،  وتسليمه الأمر له بعد قتل أبيه   -رضي الله تعالى عنهما- لثلاث عشرة بقيت من رمضان ، بايعه أكثر من أربعين ألفا ، وقال صالح ابن الإمام أحمد :  سمعت أبي يقول : بايع الحسن  تسعون ألفا ، فزهد في الخلافة ، وصالح  معاوية ،  ببذله له تسليم الأمر على أن تكون الخلافة له بعده ، وعلى أن لا يطلب أحدا من أهل المدينة  والحجاز  والعراق  بشيء مما كان من أيام أبيه ، وغير ذلك ، فظهرت المعجزة النبوية بقوله صلى الله عليه وسلم : "إن ابني هذا سيد ، يصلح الله تعالى به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ، ولم يسفك في أيامه دم ، وبقي نحو (ستة) أشهر ، وكان صلحهما لخمس بقين من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ،  [ ص: 68 ] ولامه  الحسين  على ذلك ، والصواب مع الحسن .  
قالوا : فإن مدة الخلافة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم انقضت بخلافته ، ولم يبق إلا الملك ، وقد صان الله تعالى أهل بيته ببركة نبيه صلى الله عليه وسلم . 
قال  الدولابي :  أقام الحسن   -رضي الله تعالى عنه- بالكوفة  إلى ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ، وقد قتل عبد الرحمن بن ملجم ،  ويقال : إنه ضربه بالسيف فقتله ، ثم سار إلى  معاوية ،  فالتقيا بمسكن من أرض الكوفة ،  واصطلحا ، وسلم إليه الأمر ، وبايع له لخمس بقين من شهر ربيع الأول في سنة إحدى وأربعين . وقيل : إنه صالحه وأخذ منه مائة ألف دينار ، وكانت مدة خلافته ستة أشهر وخمسة أيام . 
وروى الحافظ  أبو نعيم  وغيره عن  الشعبي   -رحمه الله تعالى- قال : شهدت خطبة الحسن   -رضي الله تعالى عنه- حين سلم الأمر إلى  معاوية ،  قال : فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإن أكيس الكيس التقى ، وإن أحمق الحمق الفجور ، ألا وإن هذه الأمور التي اختلفت فيها أنا  ومعاوية ،  إنما هو لأمري ، فإن كان له حق فهو بحقه ، وإن كان لي فقد تركته له إرادة إصلاح الأمة وحقن دمائها وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين  ثم نزل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					